للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُخْطَبَ الْمُعْتَدَّةُ، وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيضِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ، وَفِي الْأَمَةِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ، وَرِوَايَةِ الْحَسَنِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَثَلَاثُ سَاعَاتٍ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ لِمَنْ يَتَأَمَّلُهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى.

ثُمَّ إِنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِلْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ أَوِ الْمَوْتُ غُرَّةَ الشَّهْرِ اعْتَبَرَتِ الشُّهُورَ بِالْأَهِلَّةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ نَقُصَ عَدَدُهَا، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ تَعْتَبِرُ بِالْأَيَّامِ فَتَعْتَدُّ فِي الطَّلَاقِ بِتِسْعِينَ يَوْمًا، وَفِي الْوَفَاةِ مِائَةٌ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَرُوِيَ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: تَعْتَدُّ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ بِالْأَيَّامِ وَتُكَمِّلُهُ مِنَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ، وَتَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِالْأَهِلَّةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الشُّهُورِ بِالْأَهِلَّةِ إِلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ فِي الْأَوَّلِ فَيُعْمَلُ فِيهِ بِالْأَيَّامِ لِأَنَّهَا كَالْبَدَلِ عَنِ الْأَهِلَّةِ، وَيُعْمَلُ فِي الْبَاقِي بِالْأَصْلِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُدْخَلُ الشَّهْرُ الثَّانِي وَلَا يُعَدُّ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ، وَلَا انْقِضَاءَ لِلْأَوَّلِ إِلَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِهِ فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ مِنَ الثَّانِي، وَهَكَذَا الثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ فَتَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْأَهِلَّةِ فِي الْكُلِّ، وَعَلَى هَذَا مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالْيَمِينِ إِذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا سَنَةً وَالْإِجَارَاتُ وَنَحْوُهَا.

وَإِذَا قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي صُدِّقَتْ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فَإِنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ حَلَفَتْ كَالْمُودَعِ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حَدِّ الْإِيَاسِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ بِأَقْرَانِهَا مِنْ قَرَابَتِهَا، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِتَرْكِيبِهَا لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِسِتِّينَ سَنَةٍ. وَعَنْهُ فِي الرُّومِيَّاتِ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَفِي الْمُوَلَّدَاتِ سِتِّينَ، وَقِيلَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَالْفَتْوَى عَلَى خَمْسٍ وَخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْهُ أَيْضًا مَا بَيْنَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ إِلَى سِتِّينَ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ مُدَّةَ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ آفَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيُّ: هَذَا إِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِيَاسِهَا، فَأَمَّا إِذَا حُكِمَ بِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَالْمَرْأَةُ إِذَا لَمْ تَحِضْ أَبَدًا حَتَّى بَلَغَتْ مَبْلَغًا لَا يَحِيضُ فِيهِ أَمْثَالُهَا غَالِبًا حُكِمَ بِإِيَاسِهَا. وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ تَحِضْ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا.

قَالَ: (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُخْطَبَ الْمُعْتَدَّةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] الْمُرَادُ بِهِ الْمُعْتَدَّاتُ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَفَى الْجُنَاحَ فِي التَّعْرِيضِ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى فَيَلْزَمُ كَرَاهَةُ التَّصْرِيحِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

(وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيضِ) لِأَنَّهُ تَعَالَى نَفَى الْجُنَاحَ فَإِنَّهُ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ. وَرُوِيَ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَذَكَرَ مَنْزِلَتَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُتَحَامِلٌ عَلَى يَدِهِ حَتَّى أَثَّرَ الْحَصِيرُ عَلَى يَدِهِ مِنْ شِدَّةِ تَحَامُلِهِ عَلَيْهَا» وَأَنَّهُ تَعْرِيضٌ.

وَالتَّعْرِيضُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَأَوَدُّ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، وَإِنْ تَزَوَّجْتُكِ لَأُحْسِنَنَّ إِلَيْكِ، وَمِثْلُكِ مَنْ يُرْغَبُ فِيهِ وَيَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَنَحْوِهِ. وَعَنِ النَّخَعِيِّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَهْدِيَ إِلَيْهَا وَيَقُومَ بِشُغْلِهَا فِي الْعِدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>