وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى حَضَرَ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِمْ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَإِنْ كَانَ اللَّهْوُ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَقْعُدُ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَائِدَةِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَدًى بِهِ لَا يَقْعُدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ فَلَا بَأْسَ بِالْقُعُودِ.
فَصْلٌ الْكِسْوَةُ: مِنْهَا فَرْضٌ، وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقُطْنِ أَوِ الْكَتَّانِ بَيْنَ النَّفِيسِ وَالدَّنِيءِ وَمُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَأَخْذُ الزِّينَةِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى حَضَرَ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِمْ فَعَلَ) لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَإِنْ كَانَ اللَّهْوُ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَقْعُدُ) لِأَنَّ اسْتِمَاعَ اللَّهْوِ حَرَامٌ وَالْإِجَابَةَ سُنَّةٌ، وَالِامْتِنَاعُ عَنِ الْحَرَامِ أَوْلَى مِنَ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَائِدَةِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَدًى بِهِ لَا يَقْعُدُ) لِأَنَّ فِيهِ شَيْنَ الدِّينِ وَفَتْحَ بَابِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: ابْتُلِيتُ بِهَذَا مَرَّةً فَصَبَرْتُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُقْتَدًى بِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ فَلَا بَأْسَ بِالْقُعُودِ) وَصَارَ كَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ إِذَا كَانَ مَعَهَا نِيَاحَةٌ لَا يَتْرُكُ التَّشْيِيعَ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا لِمَا عِنْدَهَا مِنَ النِّيَاحَةِ كَذَا هُنَا.
[فَصْلٌ فِي الكسوة]
فَصْلٌ (الْكِسْوَةُ: مِنْهَا فَرْضٌ، وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ) قَالَ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] : أَيْ مَا يَسْتُرُ عَوْرَاتِكُمْ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ إِلَّا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَخَلْقُهُ لَا يَحْتَمِلُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ فَيَحْتَاجُ إِلَى دَفْعِ ذَلِكَ بِالْكِسْوَةِ فَصَارَ نَظِيرَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَكَانِ فَرْضًا.
(وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقُطْنِ أَوِ الْكَتَّانِ) هُوَ الْمَأْثُورُ وَهُوَ أَبْعَدُ عَنِ الْخُيَلَاءِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ (بَيْنَ النَّفِيسِ وَالدَّنِيءِ) لِئَلَّا يُحْتَقَرَ فِي الدَّنِيءِ، وَيَأْخُذَهُ الْخُيَلَاءُ فِي النَّفِيسِ. وَعَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشُّهْرَتَيْنِ» وَهُوَ مَا كَانَ فِي نِهَايَةِ النَّفَاسَةِ، وَمَا كَانَ فِي نِهَايَةِ الْخَسَاسَةِ، وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسَ الْغَسِيلَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ وَلَا يَتَكَلَّفَ الْجَدِيدَ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ» وَهِيَ رَثَاثَةُ الْهَيْئَةِ، وَمُرَادُهُ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ وَتَرْكُ التَّبَجُّحِ بِهِ.
(وَمُسْتَحَبٌّ: وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَأَخْذُ الزِّينَةِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute