للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ إِذَا خَرَجَ جَمَاعَةٌ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ وَاحِدٌ فَأُخِذُوا قَبْلَ ذَلِكَ حَبَسَهُمُ الْإِمَامُ حَتَّى يَتُوبُوا؛ وَإِنْ أَخَذُوا مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَأَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابُ السَّرِقَةِ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ؛ وَإِنْ قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا قَتَلَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى عَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ؛ وَإِنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَقَتَلَهُمْ وَصَلَبَهُمْ، أَوْ قَتَلَهُمْ، أَوْ صَلَبَهُمْ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

[فصل حَدُّ قَطْعِ الطَّرِيقِ]

فَصْلٌ (إِذَا خَرَجَ جَمَاعَةٌ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ وَاحِدٌ فَأُخِذُوا قَبْلَ ذَلِكَ حَبَسَهُمُ الْإِمَامُ حَتَّى يَتُوبُوا، وَإِنْ أَخَذُوا مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَأَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابُ السَّرِقَةِ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَإِنْ قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا قَتَلَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى عَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتُلُهُمْ حَدًّا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَإِنْ قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَقَتَلَهُمْ وَصَلَبَهُمْ، أَوْ قَتَلَهُمْ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ (أَوْ صَلَبَهُمْ) مِنْ غَيْرِ قِطْعٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] قِيلَ مَعْنَاهُ: الَّذِينَ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَأَوْلِيَاءَ رَسُولِهِ لِاسْتِحَالَةِ مُحَارَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِطْرِيقِ حَذْفِ الْمُضَافِ.

وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ فِي حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا عَلَى نَائِبِ اللَّهِ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَتَظَاهَرُوا بِمُخَالَفَةِ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانُوا فِي حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ، وَهَذَا تَوَسُّعٌ فِي الْكَلَامِ وَمَجَازٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ} [الحشر: ٤] ، وَالْمُحَارِبُونَ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ هُمُ الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ لَهُمْ مَنَعَةٌ بِأَنْفُسِهِمْ يَحْمِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَنَاصَرُونَ عَلَى مَا قَصَدُوا إِلَيْهِ وَيَتَعَاضَدُونَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ امْتِنَاعُهُمْ بِحَدِيدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حِجَارَةٍ، وَيَكُونُ قَطْعُهُمْ عَلَى الْمُسَافِرِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: الْآيَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالنَّخَعِيِّ وَابْنِ جُبَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلِأَنَّ الْجِنَايَاتِ تَتَفَاوَتُ عَلَى الْأَحْوَالِ، فَاللَّائِقُ تَغَلُّظُ الْحُكْمِ بِتَغَلُّظِهَا، فَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا حُبِسُوا، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ النَّفْيِ مِنَ الْأَرْضِ. وَقِيلَ هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَزَالُ يَطْلُبُهُمْ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ.

وَإِنْ أَخَذُوا مَالًا عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>