وَمَنْ قَتَلَ قَمْلَةً أَوْ جَرَادَةً تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ، وَإِنْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَهُوَ مَيْتَةً ; وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا اصْطَادَهُ حَلَالٌ إِذَا لَمْ يُعِنْهُ. وَكُلُّ مَا عَلَى الْمُفْرِدِ فِيهِ دَمٌ عَلَى الْقَارِنِ فِيهِ دَمَانِ.
بَابُ الْإِحْصَارِ الْمُحْرِمُ إِذَا أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَحْرَمٍ أَوْ ضَيَاعِ نَفَقَةٍ يَبْعَثُ شَاةً تُذْبَحُ عَنْهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ ثَمَنَهَا لِيُشْتَرَى بِهَا ثُمَّ يَتَحَلَّلُ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى يَوْمِنَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا بَأْسَ بِرَعْيِهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الدَّوَابِّ مُتَعَذِّرٌ، وَجَوَابُهُ الْحَدِيثُ، وَلِأَنَّ الْقَطْعَ بِالْمَشَافِرِ كَالْقَطْعِ بِالْمَنَاجِلِ.
قَالَ: (وَمَنْ قَتَلَ قَمْلَةً أَوْ جَرَادَةً تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ) قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ، وَلِأَنَّ الْقَمْلَةَ مِنَ التَّفَثِ حَتَّى لَوْ قَتَلَ قَمْلَةً وَجَدَهَا عَلَى الْأَرْضِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْقَمْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، وَإِنْ كَثُرَ أَطْعَمَ نِصْفَ صَاعٍ لِكَثْرَةِ الِارْتِفَاقِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْقَمْلَةِ يَتَصَدَّقُ بِكَفٍّ مِنْ طَعَامٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ بِكِسْرَةٍ مِنْ خُبْزٍ.
قَالَ: (وَإِنْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَهُوَ مَيْتَةٌ) لِأَنَّهُ فِعْلٌ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ ذَكَاةً.
(وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا اصْطَادَهُ حَلَالٌ إِذَا لَمْ يُعِنْهُ) لِمَا مَرَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ.
(وَكُلُّ مَا عَلَى الْمُفْرِدِ فِيهِ دَمٌ عَلَى الْقَارِنِ فِيهِ دَمَانِ) لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى إِحْرَامَيْنِ.
[بَابُ الْإِحْصَارِ]
هُوَ الْمَنْعُ وَالْحَبْسُ، وَمِنْهُ حِصَارُ الْحُصُونِ وَالْمَعَاقِلِ إِذَا مُنِعُوا عَنِ التَّصَرُّفِ فِي مَقَاصِدِهِمْ وَأُمُورِهِمْ، وَالْحَصُورُ: الْمَمْنُوعُ عَنِ النِّسَاءِ.
وَفِي الشَّرْعِ: الْمَنْعُ عَنِ الْمُضِيِّ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ بِمَوَانِعَ نَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(الْمُحْرِمُ إِذَا أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَحْرَمٍ أَوْ ضَيَاعِ نَفَقَةٍ، يَبْعَثُ شَاةً تُذْبَحُ عَنْهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ ثَمَنَهَا لِيُشْتَرَى بِهَا ثُمَّ يَتَحَلَّلُ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُحْصِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ أَحْرَمُوا مُعْتَمِرِينَ فَصَدَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ، فَصَالَحَهُمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَذَبَحَ الْهَدْيَ وَتَحَلَّلَ ثُمَّ قَضَى الْعُمْرَةَ مِنْ قَابَلٍ. قَالُوا: وَفِيهِمْ نَزَلَتِ الْآيَةُ، فَكُلُّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ مُنِعَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ فَهُوَ مُحْصَرٌ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَوَانِعِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ قَبْلَ أَوَانِهِ إِنَّمَا شُرِعَ دَفْعًا لِلْحَرَجِ النَّاشِئِ مِنْ بَقَائِهِ مُحْرِمًا، وَهَذَا الْمَعْنَى يَعُمُّ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَوَانِعِ، وَكَذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهَا كَضَلَالِ الرَّاحِلَةِ، وَمَنْعِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ إِذَا وَقَعَ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا ; وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْإِحْصَارَ يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ