فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مَعًا فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْكَثْرَةِ (سم) ، فَإِذَا بَلَغَ فَظَهَرَتْ لَهُ أَمَارَاتُ الرِّجَالِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ أَمَارَاتُ النِّسَاءِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرِ الْأَمَارَتَانِ أَوْ تَعَارَضَتَا فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ.
فَإِذَا حُكِمَ بِكَوْنِهِ خُنْثَى مُشْكِلًا يُؤْخَذُ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ وَالْأَوْثَقِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَيُوَرَّثُ أَخَسَّ السَّهْمَيْنِ وَيَقِفُ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ صَلَّى فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَ، وَلَوْ صَلَّى فِي صَفِّ الرِّجَالِ يُعِيدُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَمَنْ خَلْفَهُ بِحِذَائِهِ، وَيُصَلِّي بِقِنَاعٍ، وَلَا يَلْبَسُ الْحُلِيَّ وَالْحَرِيرَ، وَلَا يَخْلُو بِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ، وَلَا يُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَتُبْتَاعُ لَهُ أَمَةٌ تَخْتِنُهُ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِأَنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ الْعُضْوُ الْأَصْلِيُّ (فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مَعًا فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْكَثْرَةِ) ، وَقَالَ: يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا بَوْلًا ; لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ وَلِأَنَّهُ عَلَامَةٌ أُخْرَى عَلَى الْأَصَالَةِ وَالْقُوَّةِ، وَلَهُ أَنَّ الْكَثْرَةَ تَكُونُ لِاتِّسَاعِ الْمَخْرَجِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْأَصَالَةِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
قَالَ: (فَإِذَا بَلَغَ فَظَهَرَتْ لَهُ أَمَارَاتُ الرِّجَالِ فَهُوَ رَجُلٌ) وَذَلِكَ كَاللِّحْيَةِ وَمُجَامَعَةِ النِّسَاءِ وَالِاحْتِلَامِ مِنَ الذَّكَرِ ; لِأَنَّ هَذِهِ عَلَامَةٌ تَخُصُّ الرِّجَالَ (وَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ أَمَارَاتُ النِّسَاءِ فَهُوَ امْرَأَةٌ) كَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَنُزُولِ الثَّدْيِ وَاللَّبَنِ فِيهِ وَالْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ ; لِأَنَّ هَذِهِ عَلَامَاتٌ تَخُصُّ النِّسَاءَ. قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَظْهَرِ الْأَمَارَتَانِ أَوْ تَعَارَضَتَا فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ: قَالَ مُحَمَّدٌ: الْإِشْكَالُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِذَا بَلَغَ فَلَا إِشْكَالَ. قَالَ النَّسَفِيُّ: وَلَيْسَ يَخْلُو إِذَا بَلَغَ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْعَلَائِمِ.
[فصل أحكام الْخُنْثَى]
فَصْلٌ (فَإِذَا حُكِمَ بِكَوْنِهِ خُنْثَى مُشْكِلًا يُؤْخَذُ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ وَالْأَوْثَقِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ) فَلَا يُحْكَمُ بِمَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِهِ، وَيُرَجَّحُ الْمُحَرِّمُ عَلَى الْمُبِيحِ (فَيُوَرَّثُ أَخَسَّ السَّهْمَيْنِ) ، وَيُعْرَفُ بَيَانُهُ فِي الْفَرَائِضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَيَقِفُ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ) ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَجُلًا لَا يَجُوزُ وُقُوفُهُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ لِئَلَّا تَفْسُدَ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً لَا يَجُوزُ وُقُوفُهَا فِي صَفِّ الرِّجَالِ لِئَلَّا تَفْسُدَ صَلَاتُهُمْ، فَيَقِفُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ: (وَإِنْ صَلَّى فِي صَفِّ النِّسَاءِ أَعَادَ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا (وَلَوْ صَلَّى فِي صَفِّ الرِّجَالِ يُعِيدُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَمَنْ خَلْفَهُ بِحِذَائِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ.
قَالَ: (وَيُصَلِّي بِقِنَاعٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَيَجْلِسُ كَمَا تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ (وَلَا يَلْبَسُ الْحُلِيَّ وَالْحَرِيرَ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ (وَلَا يَخْلُو بِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ، وَلَا يُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) احْتِيَاطًا. قَالَ: (وَتُبْتَاعُ لَهُ أَمَةٌ تَخْتِنُهُ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتِنَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute