فَإِنْ أَرَادَ الْكَرَامَةَ صُدِّقَ، وَإِنْ أَرَادَ الظِّهَارَ فَظِهَارٌ، وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهَا مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ.
وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ يُجْزِئُ فِيهَا مُطْلَقُ الرَّقَبَةِ السَّلِيمَةِ، وَلَا يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فَهُوَ كِنَايَةٌ يَرْجِعُ إِلَى نِيَّتِهِ (فَإِنْ أَرَادَ الْكَرَامَةَ صُدِّقَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ بَيْنَ النَّاسِ (وَإِنْ أَرَادَ الظِّهَارَ فَظِهَارٌ) لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِجَمِيعِهَا، وَفِي ذَلِكَ تَشْبِيهٌ بِالْعُضْوِ الْمُحَرَّمِ فَيَصِحُّ عِنْدَ نِيَّتِهِ، (وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ) وَيَصِيرُ تَشْبِيهًا لَهَا فِي الْحُرْمَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا فَلَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا إِلَّا بِمُرَجِّحٍ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ حَقِيقَةً وَالتَّشْبِيهُ بِالْعُضْوِ ظِهَارٌ، فَالتَّشْبِيهُ بِالْكُلِّ أَوْلَى. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إِنْ كَانَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ فَهُوَ ظِهَارٌ، وَإِنْ عَنَى بِهِ التَّحْرِيمَ فَهُوَ إِيلَاءٌ إِثْبَاتًا لِأَدْنَى الْحُرْمَتَيْنِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ظِهَارٌ، وَقِيلَ ظِهَارٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ: يَدِينُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ فَهُوَ يَمِينٌ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَنَوَى ظِهَارًا فَظِهَارٌ لِلتَّشْبِيهِ، وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَطَلَاقٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ فَظِهَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِيلَاءٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ظِهَارٌ، وَقَدْ مَرَّ وَجْهُهَا.
(وَلَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِإِضَافَةِ الظِّهَارِ إِلَيْهِنَّ، كَمَا إِذَا قَالَ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِذَا كَانَ مُظَاهِرًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ وَالْكَفَّارَةُ لِإِنْهَاءِ الْحُرْمَةِ فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْحُرْمَةِ.
(وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْهَا مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ) كَمَا فِي تَكْرَارِ الْيَمِينِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مِائَةَ مَرَّةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِائَةُ كَفَّارَةٍ وَهُوَ حَالِفٌ مِائَةَ مَرَّةٍ.
[فصل كفارة الظِّهَار]
فَصْلٌ (وَالْكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ) قَبْلَ الْمَسِيسِ لِلنَّصِّ (يُجْزِئُ فِيهَا مُطْلَقُ الرَّقَبَةِ السَّلِيمَةِ) فَيَنْطَلِقُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] ، وَالرَّقَبَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الذَّاتِ الْمَرْقُوقَةُ الْمَمْلُوكَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إِلَى السَّلِيمَةِ، فَمَنْ قَيَّدَهَا بِوَصْفٍ زَائِدٍ فَقَدْ زَادَ عَلَى النَّصِّ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ.
قَالَ: (وَلَا يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) لِأَنَّ الرِّقَّ فِيهِمْ نَاقِصٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمُ الْعِتْقَ بِجِهَةٍ أُخْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute