للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمُ الْمُلَاصِقُونَ (سم) ، وَالْأَصْهَارُ: كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَالْأُخْتَانِ: زَوْجُ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَالْأَهْلُ: الزَّوْجَةُ (سم) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا يَمْلِكُ وَمَا لَا يَمْلِكُ فَيَصِحُّ فِيمَا يَمْلِكُ وَتَبْطُلُ فِي الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَيِّ وَالْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ فَلَا يَكُونُ مُزَاحِمًا. أَمَّا الْوَارِثُ أَهْلٌ حَتَّى يَصِحَّ بِإِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَيَصْلُحُ مُزَاحِمًا.

[[فصل الوصية للجيران والأصهار والأختان والأهل]]

فَصْلٌ (وَمَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمُ الْمُلَاصِقُونَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -، وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُجَاوَرَةِ، وَهِيَ الْمُلَاصَقَةُ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» وَالْمُرَادُ الْمُلَازِقُ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ. وَقَالَا: الْمُلَاصِقُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ تِلْكَ السِّكَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ لِأَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ جِيرَانًا عُرْفًا، يُقَالُ: جَارٌ مُلَاصِقٌ وَغَيْرُ مُلَاصِقٍ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» ، وَفُسِّرَ بِكُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَلِأَنَّ قَصْدَهُ الْبِرُّ، وَهُوَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَعَمُّ إِلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاخْتِلَاطِ بَيْنَهُمْ، وَذَلِكَ بِاتِّحَادِ الْمَسْجِدِ وَالْمَالِكِ وَالسَّاكِنِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ ; لِأَنَّ اسْمَ الْجَارِ يَتَنَاوَلُهُمْ.

قَالَ: (وَالْأَصْهَارُ: كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْتَقَ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَتِهِ صَفِيَّةَ» ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ ; لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الصِّهْرِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَقَاؤُهَا بِبَقَاءِ النِّكَاحِ.

قَالَ: (وَالْأَخْتَانُ: زَوْجُ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ الْجَمِيعَ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: نِعْمَ الْخَتَنُ الْقَبْرُ. وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اخْتِلَافٌ فِي الْأَصْهَارِ وَالْأَخْتَانِ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، وَالْعُرْفُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْحُكْمُ بِهِ.

قَالَ: (وَالْأَهْلُ: الزَّوْجَةُ) وَعِنْدَهُمَا كُلُّ مَنْ يَعُولُهُ وَتَجْمَعُهُ نَفَقَتُهُ وَمَنْزِلُهُ مِنَ الْأَحْرَارِ دُونَ الرَّقِيقِ، وَإِنْ كَانَ يَعُولُهُ وَلَيْسَ فِي مَنْزِلِهِ لَا يَدْخُلُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ. قَالَ - تَعَالَى -: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} [يوسف: ٩٣] وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْحَقِيقَةَ مَا ذَكَرْنَا، يُقَالُ: تَأَهَّلَ فُلَانٌ بِبَلَدِ كَذَا إِذَا تَزَوَّجَ بِهَا، وَانْصِرَافُ الْفَهْمِ إِلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَلِيلُ الْحَقِيقَةِ. وَقَالَ - تَعَالَى -:

<<  <  ج: ص:  >  >>