للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأُجْرَةُ رَدِّ الْعَارِيَةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ. وَإِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ إِلَى اصْطَبْلِ مَالِكِهَا بَرِئَ، وَكَذَا رَدُّ الثَّوْبِ إِلَى دَارِهِ، وَمَعَ مَنْ فِي عِيَالِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ الْخَاصِّ بَرِئَ.

كِتَابُ الْغَصْبِ

وَهُوَ أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مُحْتَرَمٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ، فَانْكَسَرَ - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً.

اسْتَعَارَ كِتَابًا؛ لِيَقْرَأَ فِيهِ، فَوَجَدَ فِيهِ خَطَأً، إِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَكْرَهُ إِصْلَاحَهُ أَصْلَحَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، فَلَا بَأْسَ بِهِ.

قَالَ: (وَأُجْرَةُ رَدِّ الْعَارِيَةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ؛ لِمَنْفَعَتِهِ، فَوَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ. وَالْأُجْرَةُ مَئُونَةُ الرَّدِّ (وَ) أُجْرَةُ رَدِّ (الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْآجِرِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْقَبْضِ حَصَلَتْ لَهُ وَهِيَ الْأُجْرَةُ، فَلَا يَكُونُ الرَّدُّ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ.

قَالَ: (وَإِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ إِلَى اصْطَبْلِ مَالِكِهَا بَرِئَ) اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ؛ لِعَدَمِ الرَّدِّ إِلَى الْمَالِكِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالرَّدِّ إِلَى الِاصْطَبْلِ، فَإِنَّهُ لَوْ سَلَّمَهَا إِلَيْهِ رَدَّهَا إِلَى الِاصْطَبْلِ، وَالْمُعْتَادُ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ عَبْدًا، وَرَدَّهُ إِلَى دَارِ مَالِكِهِ - فَكَذَلِكَ. (وَكَذَا رَدُّ الثَّوْبِ إِلَى دَارِهِ) ؛ لِمَا بَيَّنَّا. (وَ) لَوْ رَدَّ الْعَارِيَةَ (مَعَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ أَجِيرِهِ الْخَاصِّ - بَرِئَ) ; لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَصَارَتْ كَالْوَدِيعَةِ. وَكَذَا لَوْ رَدَّهَا إِلَى عَبْدِ الْمُعِيرِ، أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ - بَرِئَ ; لَأَنَّ الْمَالِكَ يَحْفَظُهَا بِهَؤُلَاءِ عَادَةً. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ: الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهَا.

وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: لَوْ كَانَتِ الْعَارِيَةُ شَيْئًا نَفِيسًا كَالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ لَا يَبْرَأُ بِالرَّدِّ إِلَى هَؤُلَاءِ ; لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِطَرْحِهِ فِي الدَّارِ وَتَسْلِيمِهِ إِلَى غِلْمَانِهِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي رَدِّ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَفِي الْغَصْبِ لَا يَبْرَأُ فِي الْجَمِيعِ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَى مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ وَاجِبٌ فَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ الْعَارِيَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ.

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

ِ (وَهُوَ) فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، يُقَالُ: غَصَبْتُهُ مِنْهُ، وَغَصَبْتُهُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى، قَالَ تَعَالَى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: ٧٩] أَيْ ظُلْمًا. وَيُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، يُقَالُ: غَصَبْتُ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ.

وَفِي الشَّرْعِ: (أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مُحْتَرِمٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي) ، وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ كَوْنَ الْمَغْصُوبِ قَابِلًا لِلنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ تَفْوِيتَ يَدِ الْمَالِكِ. وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ. وَيَظْهَرُ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَلَوِ اسْتَخْدَمَ مَمْلُوكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، أَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ، أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>