للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

الْكَافِرُ إِذَا صَلَّى بِجَمَاعَةٍ أَوْ أَذَّنَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ قَالَ: أَنَا مُعْتَقِدٌ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ يَكُونُ مُسْلِمًا

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أُخْتَهَا عَقِيبَ لَحَاقِهَا، لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ، فَإِنْ عَادَتْ مُسْلِمَةً أَوْ سُبِيَتْ لَمْ يَنْتَقِضْ نِكَاحُ الْأُخْتِ، لِأَنَّ نِكَاحَهَا لَا يَعُودُ بَعْدَ مَا سَقَطَ، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ سَاعَتِئِذٍ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ؛ وَإِنْ وَلَدَتْ بِأَرْضِ الْحَرْبِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنَ الزَّوْجِ وَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعٌ لِأَبِيهِ؛ وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ حِينِ اللَّحَاقِ ثُمَّ سُبِيَا مَعًا كَانَا فَيْئًا، لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنَ الزَّوْجِ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ كَافِرًا تَبَعًا لَهَا، وَالْمَمْلُوكَةُ تُحْبَسُ فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهَا مُحْتَاجًا إِلَى خِدْمَتِهَا دُفِعَتْ إِلَيْهِ وَيُؤْمَرُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيُرْسِلُ الْقَاضِي إِلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ مَنْ يَجْلِدُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ.

[فصل فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا]

فَصْلٌ

فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا

وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَقَرَّ بِخِلَافِ مَا اعْتَقَدَهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَمَنْ يُنْكِرُ الْوَحْدَانِيَّةَ كَالثِّنْوِيَّةِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْمُشْرِكِينَ، وَالْمَانَوَيَّةِ إِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ أَوْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، أَوْ أَنَا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ فَهَذَا كُلُّهُ إِسْلَامٌ. وَكُلُّ مَنْ آمَنَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَيُنْكِرُ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ وَطَائِفَةٌ بِالْعِرَاقِ يَزْعُمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا مُرْسَلٌ إِلَى الْعَرَبِ لَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِالشَّهَادَتَيْنِ حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنْ دِينِهِ.

وَلَوْ قَالَ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولٍ حَادِثٍ فِي الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى خُرُوجِهِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ؛ وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يَكُونُ مُسْلِمًا حَتَّى يَتَبَرَّأَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: ذَلِكَ إِسْلَامٌ مِنْهُ.

قَالَ: (وَالْكَافِرُ إِذَا صَلَّى بِجَمَاعَةٍ أَوْ أَذَّنَ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ قَالَ: أَنَا مُعْتَقِدٌ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ يَكُونُ مُسْلِمًا) لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ مِنْ خَاصِّيَّةِ الْإِسْلَامِ، كَمَا أَنَّ الْإِتْيَانَ بِخَاصِّيَّةِ الْكُفْرِ يَدُلُّ عَلَى الْكُفْرِ، فَإِنَّ مَنْ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَزَيَّا بِزُنَّارٍ أَوْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةَ الْمَجُوسِ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا كَانَ مُسْلِمًا، وَلَوْ لَبَّى وَأَحْرَمَ وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُسْلِمًا. أُكْرِهَ الذِّمِّيُّ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ يَصِحُّ إِسْلَامُهُ، وَلَوْ رَجَعَ لَا يُقْتَلُ، وَلَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>