للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تُقْبَلُ تَزْكِيَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (سم) ، وَتَكْفِي تَزْكِيَةُ الْوَاحِدِ (ف) .

وَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ أَوْ أَبْصَرَهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ إِلَّا الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يُشْهِدْهُ (ف) . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يُعَايِنْهُ إِلَّا النَّسَبَ وَالْمَوْتَ وَالدُّخُولَ وَالنِّكَاحَ، وَوِلَايَةَ الْقَاضِي، وَأَصْلَ الْوَقْفِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْمُسْلِمُونَ سَأَلَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ عُدُولِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ يَسْأَلُ أُولَئِكَ عَنِ الشُّهُودِ.

قَالَ: (وَلَا تُقْبَلُ تَزْكِيَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَمَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ هُمْ عُدُولٌ إِلَّا أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ نَسُوا، أَمَّا لَوْ قَالَ صَدَقُوا أَوْ هُمْ عُدُولُ صَدَّقَهُ فَقَدِ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ فَيَقْضِي بِإِقْرَارِهِ لَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ الْجُحُودِ؛ وَقِيلَ يَجُوزُ تَعْدِيلُهُ. وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَالشُّهُودَ يَزْعُمُونَهُ كَاذِبًا فِي إِنْكَارِهِ مُبْطِلًا فِي جُحُودِهِ فَلَا يَصْلُحُ مُزَكِّيًا.

قَالَ: (وَتَكْفِي تَزْكِيَةُ الْوَاحِدِ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ اثْنَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْمُتَرْجِمُ وَرَسُولُ الْقَاضِي إِلَى الْمُزَكِّينَ. لِمُحَمَّدٍ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَدَالَةِ وَذَلِكَ بِالتَّزْكِيَةِ، فَيُشْتَرَطُ الْإِتْيَانُ كَالشَّهَادَةِ، وَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُ ذُكُورَةُ الْمُزَكِّي فِي الْحُدُودِ وَالْأَرْبَعَةُ فِي شُهُودِ الزِّنَا لِمَا بَيَّنَّا. وَلَهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ فِيهَا لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ وَمَجْلِسُ الْحُكْمِ، وَاشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ تَعْبُّدِيٌّ فَلَا يَتَعَدَّاهَا.

[فصل يجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ أَوْ أَبْصَرَهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ]

فَصْلٌ

(وَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ أَوْ أَبْصَرَهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ عَلِمَ الْمُوجِبَ وَتَيَقَّنَهُ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنْ عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ» وَيَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا لِأَنَّهُ عَلِمَهُ وَلَا يَقُولُ أَشْهَدَنِي فَإِنَّهُ كَذِبٌ.

قَالَ: (إِلَّا الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يُشْهِدْهُ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ مُوجِبَةً إِلَّا بِالنَّقْلِ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّحَمُّلِ، وَلَوْ سَمِعَهُ يُشْهِدُ غَيْرَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ لِأَنَّهُ مَا حَمَّلَهُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُخْتَبِئِ، وَهُوَ أَنْ يُقِرَّ الرَّجُلُ بِحَقٍّ وَالشُّهُودُ مُخْتَبِئُونَ فِي بَيْتٍ يَسْمَعُونَ إِقْرَارَهُ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُمُ الشَّهَادَةُ إِذَا كَانُوا يَرَوْنَ وَجْهَهُ وَيَعْرِفُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ إِلَّا إِذَا عَلِمُوا أَنْ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ فَيَحِلُّ لَهُمْ ذَلِكَ، وَكَذَا إِذَا سَمِعُوا صَوْتَ امْرَأَةٍ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.

قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يُعَايِنْهُ إِلَّا النَّسَبَ وَالْمَوْتَ وَالدُّخُولَ وَالنِّكَاحَ وَوِلَايَةَ الْقَاضِي، وَأَصْلَ الْوَقْفِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ وَهِيَ الْمُعَايَنَةُ وَلَمْ تُوجَدْ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُبَاشَرُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ وَتَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامٌ مُسْتَمِرَّةٌ، فَأُقِيمَتِ الشُّهْرَةُ وَالِاسْتِفَاضَةُ مَقَامَ الْعِيَانِ وَالْمُشَاهَدَةِ كَيْلَا تَتَعَطَّلَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ، وَعَلَى هَذَا النَّاسُ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، أَلَا تَرَى أَنَّا نَشْهَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>