للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِيمَا سِوَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، وَإِذَا رَأَى الشَّاهِدُ خَطَّهُ لَا يَشْهَدْ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَادِثَةَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ وَفَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَنَشْهَدُ بِنَسَبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، وَنَشْهَدُ بِقَضَاءِ شُرَيْحٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ، وَنَشْهَدُ بِمَوْتِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَالشُّهْرَةُ إِنَّمَا تَكُونُ إِمَّا بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ يَثِقُ بِهِ جَازَ؛ وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ؛ وَقِيلَ يَكْتَفِي فِي الْمَوْتِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَحْضُرُهُ غَيْرُ الْوَاحِدِ، وَإِذَا رَأَى رَجُلًا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْخُصُومُ حَلَّ لَهُ الشَّهَادَةُ بِوِلَايَتِهِ؛ وَكَذَا إِذَا رَأَى رَجُلًا وَامْرَأَةً يَسْكُنَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَتَعَاشَرَانِ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ حَلَّ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا كَمَا إِذَا رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ.

وَأَمَّا الْوَقْفُ فَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى أَصْلِهِ دُونَ شَرْطِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الَّذِي يُشْتَهَرُ، فَلَوْ لَمْ تَجُزِ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ أَدَّى إِلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ، وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي النَّسَبِ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَلِأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِلَالًا مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يُشْتَهَرُ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يُشْتَهَرُ غَالِبًا وَصَارَ كَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ مِثْلُهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، وَيَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يُطْلِقَ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ فَسَّرَهَا وَقَالَ إِنَّهُ شَهِدَ بِالتَّسَامُعِ لَا يَقْبَلُهَا، وَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْيَدِ لَا يُفَسِّرُهَا.

قَالَ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) إِذَا رَآهُ فِي يَدِهِ.

(فِيمَا سِوَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ) لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَرْجِعُ فِي الْأَسْبَابِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهَا. وَاشْتَرَطَ أَبُو يُوسُفَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلِ، وَاشْتَرَطَ الْخَصَّافُ التَّصَرُّفَ مَعَ الْيَدِ فَإِنَّ الْيَدَ تَتَنَوَّعُ. قُلْنَا وَالتَّصَرُّفُ أَيْضًا يَتَنَوَّعُ إِلَى أَمَانَةٍ وَمِلْكٍ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ إِذَا عَايَنَ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ، أَوْ عَايَنَ الْمِلْكَ وَحْدَهُ وَعُرِفَ الْمَالِكُ بِالِاشْتِهَارِ بِنَسَبِهِ. أَمَّا إِذَا عَايَنَ الْمَالِكَ وَحْدَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يُسْتَخْدَمُ كَمَا يُسْتَخْدَمُ الْعَبْدُ كَالْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَنَحْوِهِ، فَلَا تَكُونُ الْيَدُ دَلِيلًا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ رَقِيقٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَكُونُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ رِقُّهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُمَا بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ.

قَالَ: (وَإِذَا رَأَى الشَّاهِدُ خَطَّهُ لَا يَشْهَدُ مَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَادِثَةَ) وَهَكَذَا الْقَاضِي وَالرَّاوِي؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ، قَالُوا: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ هُوَ إِجْمَاعٌ؛ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا وَجَدَ الْقَاضِي الْقَضِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>