وَالسُّنَّةُ: تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالشَّارِبِ، وَقَصُّهُ أَحْسَنُ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
[فَصْلٌ فِي آداب للمؤمن ينبغي أن يحافظ عليها]
فَصْلٌ (وَالسُّنَّةُ: تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالشَّارِبِ، وَقَصُّهُ أَحْسَنُ) وَهَذِهِ مِنْ سُنَنِ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه، وَفَعَلَهَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَ بِهَا، وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ الشَّارِبَ وَاخْتَتَنَ وَقَلَّمَ الْأَظْفَارَ وَرَأَى الشَّيْبَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ: قَصُّ الشَّارِبِ حَسَنٌ، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ حَتَّى يَنْتَقِصَ عَنِ الْإِطَارِ وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَعْلَى مِنَ الشَّفَةِ الْعُلْيَا. قَالَ: وَالْحَلْقُ سُنَّةٌ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنَ الْقَصِّ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَحْفُوا الشَّارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى» ؛ وَالْإِحْفَاءُ الِاسْتِئْصَالُ، وَإِعْفَاءُ اللِّحَى، قَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: تَرْكُهَا حَتَّى تَكَثَّ وَتَكْثُرَ وَالتَّقْصِيرُ فِيهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الرَّجُلُ لِحْيَتَهُ فَمَا زَادَ عَلَى قَبْضَتِهِ قَطَعَهُ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ زِينَةٌ وَكَثْرَتَهَا مِنْ كَمَالِ الزِّينَةِ وَطُولَهَا الْفَاحِشَ خِلَافُ السُّنَّةِ.
وَالسُّنَّةُ النَّتْفُ فِي الْإِبِطِ وَلَا بَأْسَ بِالْحَلْقِ، وَيَبْتَدِئُ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ مِنْ تَحْتِ السُّرَّةِ؛ وَإِذَا قَصَّ أَظْفَارَهُ أَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفِنَهُ؛ قَالَ تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: ٢٥] {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: ٢٦] وَإِنْ أَلْقَاهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَيُكَرَهُ إِلْقَاؤُهُ فِي الْكَنِيفِ وَالْمُغْتَسَلِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ يُورِثُ الْمَرَضَ. وَتَوْفِيرُ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ، وَالْأَظَافِيرُ سِلَاحٌ عِنْدَ عَدَمِ السِّلَاحِ.
وَالْخِتَانُ لِلرِّجَالِ سُنَّةٌ وَهُوَ مِنَ الْفِطْرَةِ، وَهُوَ لِلنِّسَاءِ مَكْرُمَةٌ، فَلَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ مِصْرٍ عَلَى تَرْكِ الْخِتَانِ قَاتَلَهُمُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَخَصَائِصِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِهِ، قِيلَ حَتَّى يَبْلُغَ، وَقِيلَ إِذَا بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ، وَقِيلَ عَشْرًا، وَقِيلَ مَتَى كَانَ يُطِيقُ أَلَمَ الْخِتَانِ خُتِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ وُلِدَ وَهُوَ يُشْبِهُ الْمَخْتُونَ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ مَا يُوَارِي الْحَشَفَةَ، وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ أُذُنِ الْبَنَاتِ الْأَطْفَالِ لِأَنَّهُ إِيلَامٌ لِمَنْفَعَةِ الزِّينَةِ؛ وَإِيصَالُ الْأَلَمِ إِلَى الْحَيَوَانِ لِمَصْلَحَةٍ تَعَوُدُ إِلَيْهِ جَائِزٌ كَالْخِتَانِ وَالْحِجَامَةِ وَبَطِّ الْقُرْحَةِ، وَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ.
امْرَأَةٌ حَامِلٌ اعْتَرَضَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا وَلَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ إِلَّا بِأَنْ يُقْطَعَ وَيُخَافُ عَلَى الْأُمِّ، إِنْ كَانَ مَيْتًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا لَا يَجُوزُ.
امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَهِيَ حَامِلٌ فَاضْطَرَبَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ أَنَّهُ حَيٌّ يُشَقُّ بَطْنُهَا مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، لِأَنَّهُ تَسْبِيبٌ إِلَى إِحْيَاءِ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ.
عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةً أَوْ دَنَانِيرَ لِرَجُلٍ وَمَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute