للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْوَلَاءِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فَإِنْ عَقَلَ عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ وَوَالَتْ أَوْ أَقَرَّتْ بِالْوَلَاءِ وَفِي يَدِهَا ابْنٌ صَغِيرٌ تَبِعَهَا (سم) فِي الْوَلَاءِ.

كِتَابُ الْأَيْمَانِ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

يَتْبَعُونَهُ فِي النَّسَبِ فَكَذَا فِي الْوَلَاءِ، فَإِنْ أَسْلَمَ لَهُ ابْنٌ كَبِيرٌ عَلَى يَدِ آخَرَ وَوَالَاهُ صَحَّ لِانْقِطَاعِ وَلَايَتِهِ عَنْهُ، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَالِي عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا حَتَّى لَا يَصِحَّ مُوَالَاةُ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمَجْنُونِ، وَلَوْ وَالَى الصَّبِيُّ بِإِذْنِ الْأَبِ أَوِ الْوَصِيِّ جَازَ وَالْوَلَاءُ لِلصَّبِيِّ، وَإِنْ وَالَى الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ جَازَ وَكَانَ وَكِيلًا عَنْ مَوْلَاهُ، وَيَقَعُ الْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى، لِأَنَّ الصَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ وَالْعَبْدَ لَا، لِأَنَّ حُكْمَ الْوَلَاءِ الْعَقْلُ وَالْإِرْثُ وَالْعَبْدُ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ وَهُوَ الْمَوْلَى.

قَالَ: (وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْوَلَاءِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ الْأَعْلَى مُتَبَرِّعٌ بِالْقِيَامِ بِنُصْرَتِهِ وَعَقْلِ جِنَايَتَهِ، وَالْأَسْفَلُ مُتَبَرِّعٌ بِجَعْلِهِ خَلِيفَتَهُ فِي مَالِهِ، وَالتَّبَرُّعُ غَيْرُ لَازِمٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْقَبْضُ أَوِ الْعِوَضُ كَالْهِبَةِ. وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ بِالْقَوْلِ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ وَبِالْفِعْلِ مَعَ غَيْبَتِهِ بِأَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ بِالْقَوْلِ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ لِأَنَّهُ عُزِلَ قَصْدًا وَبِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ عُزِلَ حُكْمًا.

قَالَ: (فَإِنْ عَقَلَ عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) لِحُصُولِ الْعِوَضِ كَالْهِبَةِ، وَكَذَا إِذَا كَبُرَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ بَعْدَ مَا عَقَلَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ دَخَلَ فِي عَقْدِهِ وَوَلَائِهِ، قَالَ: (وَإِذَا أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ وَوَالَتْ أَوْ أَقَرَّتْ بِالْوَلَاءِ وَفِي يَدِهَا ابْنٌ صَغِيرٌ تَبِعَهَا فِي الْوَلَاءِ) ، وَقَالَا: لَا يَتْبَعُهَا لِأَنَّهُ لَا وَلَايَةَ لَهَا عَلَى مَالِهِ فَعَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى، وَلَهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ وَهُوَ نَفْعٌ مَحْضٌ فَيَمْلِكُهُ عَلَيْهِ كَقَبْضِ الْهِبَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

وَهُوَ جَمْعُ يَمِينٍ، وَالْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ، قَالَ تَعَالَى: {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: ٤٥] أَيْ بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ مِنَّا، وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات: ٢٨] أَيْ تَتَقَوَّوْنَ عَلَيْنَا، وَقَالَ:

إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عُرَابَةُ بِالْيَمِينِ

وَهِيَ الْجَارِحَةُ أَيْضًا.

وَهِيَ مُطْلَقُ الْحَلِفِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ، وقَوْله تَعَالَى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات: ٩٣] يَحْتَمِلُ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ: أَيْ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَوْ بِقُوَّتِهِ أَوْ بِحَلِفِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: ٥٧] .

وَفِي الشَّرْعِ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا: الْقَسَمُ، وَهُوَ مَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الْمُقْسَمِ بِهِ، فَلِهَذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ» ، وَفِيهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، لِأَنَّ فِيهَا الْحَلِفَ، وَفِيهَا مَعْنَى الْقُوَّةِ لِأَنَّهُمْ يُقَوُّونَ كَلَامَهُ وَيُوَثِّقُونَهُ بِالْقَسَمِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَكَانُوا إِذَا تَحَالَفُوا أَوْ تَعَاهَدُوا يَأْخُذُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>