للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

أَرْضُ الْعَرَبِ أَرْضُ عُشْرٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إِلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيَمَنِ بِمَهْرَةَ إِلَى حَدِّ الشَّامِ وَالسَّوَادُ أَرْضُ خَرَاجٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إِلَى عَقَبَةِ حُلْوَانَ، وَمِنَ الْعَلْثِ أَوِ الثَّعْلَبِيَّةِ إِلَى عَبَّادَانَ، وَأَرْضُ السَّوَادُ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا: وَكُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ، وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَأَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا أَوْ صَالَحَهُمْ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ سِوَى مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا يُعْتَبَرُ بِحَيِّزِهَا (م) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

[فصل الْخَرَاجُ]

فَصْلٌ (أَرْضُ الْعَرَبِ أَرْضُ عُشْرٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إِلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيَمَنِ بِمَهْرَةَ إِلَى حَدِّ الشَّامِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ لَمْ يَضَعُوا الْخَرَاجَ عَلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْخَرَاجِ أَنْ يُقَرَّ أَهْلُهَا عَلَى الْكُفْرِ، وَمُشْرِكُو الْعَرَبِ لَا يُقَرُّونَ عَلَى الْكُفْرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

قَالَ: (وَالسَّوَادُ أَرْضُ خَرَاجٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إِلَى عَقَبَةِ حُلْوَانَ، وَمِنَ الْعَلْثِ أَوِ الثَّعْلَبِيَّةِ إِلَى عَبَّادَانَ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْخَرَاجِ، وَلِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَحَ سَوَادَ الْعِرَاقِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ عَلَى وَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَى الشَّامِ، وَكَذَلِكَ وَضَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مِصْرَ الْخَرَاجَ حِينَ فَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.

قَالَ: (وَأَرْضُ السَّوَادِ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا فَتَحَ بَلْدَةً قَهْرًا لَهُ أَنْ يُقِرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا وَيَضَعَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ، فَإِذَا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا بَقِيَتْ مَمْلُوكَةً لَهُمْ فَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهَا بَيْعًا وَشِرَاءً وَإِجَارَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمُلَّاكِ وَالْأَمْلَاكِ.

قَالَ: (وَكُلُّ أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ) لِأَنَّ وَضْعَ الْعُشْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً أَلْيَقُ بِهِ مِنَ الْخَرَاجِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ فِي الزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهُ أَخَفُّ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ، فَإِنْ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ شَيْئًا وَجَبَ عُشْرُهُ وَإِلَّا فَلَا؛ (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرَّ أَهْلُهَا عَلَيْهَا أَوْ صَالَحَهُمْ فَهِيَ خَرَاجَيَّةٌ سِوَى مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى) لِأَنَّ وَظِيفَةَ الْأَرْضِ فِي الْأَصْلِ الْخَرَاجُ، وَإِنَّمَا صِرْنَا إِلَى الْعُشْرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وَتَكْرِمَةً لَهُ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ تَبْقَى خَرَاجَيَّةً، وَلِأَنَّ وَضْعَ الْخَرَاجِ عَلَى الْكَافِرِ ابْتِدَاءً أَلْيَقُ بِهِ؛ وَأَمَّا مَكَّةُ فَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَصَّهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَيْثُ افْتَتَحَهَا عَنْوَةً تَرَكَهَا وَلَمْ يَضَعْ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ.

قَالَ: (وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا يُعْتَبَرُ بِحَيِّزِهَا) فَإِنْ كَانَتْ تَقْرُبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>