للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَقْضَمْهَا وَمِنْ هَذَا الدَّقِيقِ يَحْنَثُ بِخُبْزِهِ دُونَ سَفِّهِ، وَالْخُبْزُ مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ، وَالشِّوَاءُ مِنَ اللَّحْمِ، وَالطَّبِيخُ مَا يُطْبَخُ مِنَ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ، وَيَحْنَثُ بِأَكْلِ مَرَقِهِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مِنْ سِتَّةٍ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيَوْمٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا يُكَلِّمُهُ قَرِيبًا فَهُوَ أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ بِيَوْمٍ، وَلَوْ قَالَ إِلَى بَعِيدٍ فَأَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ هُوَ مِثْلُ الْحِينِ، وَآجِلًا أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ، وَعَاجِلًا أَقَلُّ مِنْ شَهْرٍ لِأَنَّ الشَّهْرَ أَدْنَى الْأَجَلِ، وَلَوْ قَالَ بِضْعًا فَثَلَاثَةٌ، لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى تِسْعَةٍ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَقَلِّ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ.

[فصل الْحلف على الطعام]

فَصْلٌ

[الْحَلِفُ عَلَى الطَّعَامِ]

(حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَقْضِمْهَا) ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْ خُبْزِهَا أَوْ سَوِيقِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَقَالَا: يَحْنَثُ بِالْخُبْزِ لِلْعُرْفِ. وَلَهُ أَنَّ الْحَقِيقَةَ مُسْتَعْمَلَةٌ فَإِنَّهُ يُقْلَى وَيُسْلَقُ وَيُؤْكَلُ بَعْدَهُ قَضْمًا، وَالْحَقِيقَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْمَجَازِ.

قَالَ: (وَمِنْ هَذَا الدَّقِيقِ يَحْنَثُ بِخُبْزِهِ دُونَ سَفِّهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ فَانْصَرَفَ إِلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ وَهُوَ الْخَبْزُ، وَكَذَا إِنْ أَكَلَ مِنْ عَصِيدَتِهِ أَوِ اتَّخَذَهُ خَبِيصًا أَوْ قَطَايِفَ حَنِثَ، إِلَّا إِذَا نَوَى أَكْلَ عَيْنِهِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَكَذَلِكَ مَا لَا يُؤْكَلُ عَادَةً تَقَعُ الْيَمِينُ عَلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ، لِأَنَّ الْمَجَازَ الْمُتَعَارَفَ رَاجِحٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمَهْجُورَةِ.

قَالَ: (وَالْخُبْزُ مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَالْمَنْعُ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمُعْتَادِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا فَأَكَلَ ثَرِيدًا. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ. وَالطَّعَامُ حَقِيقَةُ مَا يُطْعَمُ وَيُؤْكَلُ، وَفِي الْعُرْفِ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْأَشْيَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَدْوِيَةَ لَا تُسَمَّى طَعَامًا، وَإِنْ كَانَتْ تُؤْكَلُ وَيُتَغَذَّى بِهَا كَمَعْجُونِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، وَالْخَلُّ وَالزَّيْتُ وَالْمِلْحُ طَعَامٌ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَكْلِهِ مَعَ الْخُبْزِ إِدَامًا لَهُ، وَالنَّبِيذُ شَرَابٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ طَعَامٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالْفَاكِهَةُ طَعَامٌ.

حَلَفَ لَا يَشْتَرِي طَعَامًا لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِشِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ اسْتِحْسَانًا لِلْعُرْفِ، وَفِي عُرْفِنَا يَحْنَثُ بِالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهِمَا أَيْضًا.

قَالَ: (وَالشِّوَاءُ مِنَ اللَّحْمِ) خَاصَّةً لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّوَّاءَ اسْمٌ لِبَائِعِ الْمَشْوِيِّ مِنَ اللَّحْمِ دُونَ غَيْرِهِ، وَيَصِحُّ قَوْلُهُمْ: لَمْ يَأْكُلِ الشِّوَاءَ وَإِنْ أَكَلَ الْبَاذِنْجَانَ وَالسَّمَكَ الْمَشْوِيَّ وَغَيْرَهُ مَا لَمْ يَأْكُلِ الشِّوَاءَ مِنَ اللَّحْمِ، وَإِنْ نَوَى كُلَّ شَيْءٍ يُشْوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ الشِّوَاءَ مَا يُجْعَلُ فِي النَّارِ لِيَسْهُلَ أَكْلُهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا أَنَّ الْعُرْفَ اخْتُصَّ بِاللَّحْمِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَالطَّبِيخُ مَا يُطْبَخُ مِنَ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ) لِلْعُرْفِ، وَإِنْ نَوَى كُلَّ مَا يُطْبَخُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ، (وَيَحْنَثُ بِأَكْلِ مَرَقِهِ) لِأَنَّ فِيهِ أَجْزَاءَ اللَّحْمِ، وَفِي النَّوَادِرِ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخًا فَأَكَلَ قِلِّيَّةً يَابِسَةً لَا مَرَقَ فِيهَا لَا يَحْنَثُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>