بَابُ الْعِدَّةِ عِدَّةُ الْحُرَّةِ الَّتِي تَحِيضُ فِي الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَعِدَّتُهُنَّ فِي الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ حَيْضَتَانِ، وَفِي الصِّغَرِ وَالْإِيَاسِ شَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَعِدَّتُهَا فِي الْوَفَاةِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيِّامٍ، وَعِدَّةُ الْكُلِّ فِي الْحَمْلِ وَضْعُهُ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
[بَابُ الْعِدَّةِ]
وَهُوَ مَصْدَرُ عَدَّهُ يَعُدُّهُ، «وَسُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: مَتَى تَكُونُ الْقِيَامَةُ؟ قَالَ: إِذَا تَكَامَلَتِ الْعِدَّتَانِ» أَيْ عِدَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَعِدَّةُ أَهْلِ النَّارِ: أَيْ عَدَدُهُمْ، وَسُمِّيَ الزَّمَانُ الَّذِي تَتَرَبَّصُ فِيهِ الْمَرْأَةُ عَقِيبَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ عِدَّةٌ لِأَنَّهَا تَعُدُّ الْأَيَّامَ الْمَضْرُوبَةَ عَلَيْهَا وَتَنْتَظِرُ أَوَانَ الْفَرَجِ الْمَوْعُودِ لَهَا.
وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ، وقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] ، وَقَوْلُهُ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وقَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: ١] .
وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْحَيْضُ، وَالشُّهُورُ، وَوَضْعُ الْحَمْلِ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ نَطَقَ الْكِتَابِ.
وَتَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِالطَّلَاقِ، وَبِالْوَفَاةِ، وَبِالْوَطْءِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ: (عِدَّةُ الْحُرَّةِ الَّتِي تَحِيضُ فِي الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَعِدَّتُهُنَّ فِي الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ) لِمَا تَلَوْنَا مِنَ الْآيَاتِ، وَالْفُرْقَةُ بِالْفَسْخِ كَالطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِلتَّعَرُّفِ عَنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَأَنَّهُ يَشْمَلُهُمَا.
(وَعِدَّةُ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ حَيْضَتَانِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «طَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» ، (وَفِي الصِّغَرِ وَالْإِيَاسِ شَهْرٌ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ الرِّقَّ مُنَصَّفٌ إِلَّا أَنَّ الْحَيْضَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَكُمِّلَتِ احْتِيَاطًا، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوِ اسْتَطَعْتُ لَجَعَلْتُهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا. أَمَّا الشَّهْرُ فَيَتَجَزَّأُ فَجَعَلْنَاهُ شَهْرًا وَنِصْفًا، (وَعِدَّتُهَا فِي الْوَفَاةِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ) لِمَا بَيَّنَّا.
(وَعِدَّةُ الْكُلِّ فِي الْحَمْلِ وَضْعُهُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّعَرُّفُ عَنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا بَرَاءَةَ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ وَلَا شُغْلَ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ وَضَعَتْ وَزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِهِ لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَحَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى - يَعْنِي سُورَةَ الطَّلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]- نَزَلَتْ بَعْدَ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute