للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَصِحُّ نَفْيُ الْوَلَدِ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ وَفِي حَالَةِ التَّهْنِئَةِ وَابْتِيَاعِ آلَةِ الْوِلَادَةِ فَيُلَاعِنُ وَيَنْفِيهِ الْقَاضِي، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُلَاعِنُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَعَلِمَ فَكَأَنَّهَا وَلَدَتْ حَالَ عِلْمِهِ، وَمَنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَاعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَلَاعَنَ، وَإِنْ عَكَسَ فَنَفَى الْأَوَّلَ وَاعْتَرَفَ بِالثَّانِي ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَحُدَّ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ ابْنُهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى نَفْيِهِ، لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الْوَلَدِ وَالْأُمُّ لَا تَمْلِكُ إِسْقَاطَ حَقِّ وَلَدِهَا فَلَا يَنْتَفِي بِتَصْدِيقِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ لِتَصْدِيقِهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَقَدْ قَالَتْ إِنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِذَا تَعَذَّرَ اللِّعَانُ لَا يَنْتَفِي النَّسَبُ.

قَالَ: (وَيَصِحُّ نَفْيُ الْوَلَدِ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ وَفِي حَالَةِ التَّهْنِئَةِ وَابْتِيَاعِ آلَةِ الْوِلَادَةِ فَيُلَاعِنُ وَيَنْفِيهِ الْقَاضِي، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُلَاعِنُ) وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ أَثَرَ الْوِلَادَةِ وَالتَّهْنِئَةِ فِيهَا اعْتِبَارًا بِالْعَقِيقَةِ، وَقَالَا: يَصِحُّ نَفْيُهُ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ لِأَنَّهُ أَثَرُ الْوِلَادَةِ، وَلَهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ نَفَاهُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ انْتَفَى بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ لَمْ يَنْفِهِ حَتَّى طَالَتِ الْمُدَّةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَدٍّ فَاصِلٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ بِنَسَبِ وَلَدِهِ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِقَبُولِهِ التَّهْنِئَة وَابْتِيَاعِ مَتَاعِ الْوِلَادَةِ وَقَبُولِ هَدِيَّةِ الْأَصْدِقَاءِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ مَضَى مُدَّةٌ يُفْعَلُ فِيهِ ذَلِكَ عَادَةً وَهُوَ مُمْسِكٌ كَانَ اعْتِرَافًا ظَاهِرًا فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ بَعْدَهُ.

قَالَ: (وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَعَلِمَ فَكَأَنَّهَا وَلَدَتْ حَالَ عِلْمِهِ) مَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ نَفْيُهُ عِنْدَهُمَا فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْعِلْمِ. وَعِنْدَهُ مُدَّةُ التَّهْنِئَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَهُ النَّسَبُ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ فَصَارَ حَالَ عِلْمِهِ كَحَالَةِ الْوِلَادَةِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إِنْ عَلِمَ قَبْلَ الْفِصَالِ فَهُوَ مُقَدَّرٌ بِمُدَّةِ النِّفَاسِ وَبَعْدَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ، لِأَنَّ قَبْلَ الْفِصَالِ كَمُدَّةِ النِّفَاسِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ غِذَائِهِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَهُ يَنْتَقِلُ وَيَخْرُجُ عَنْ حَالَةِ الصِّغَرِ فَيَقْبُحُ نَفْيُهُ كَمَا لَوْ بَقِيَ شَيْخًا.

قَالَ: (ومَنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَاعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَلَاعَنَ، وَإِنْ عَكَسَ فَنَفَى الْأَوَّلَ وَاعْتَرَفَ بِالثَّانِي ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَحُدَّ) أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ فَلِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا بِاعْتِرَافِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الْآخَرِ ضَرُورَةً. وَأَمَّا اللِّعَانُ فِي الْأُولَى وَالْحَدُّ فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ مُكَذِّبًا نَفْسَهُ فَيُلَاعِنُ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَمَّا نَفَى الْأَوَّلَ صَارَ مُكَذِّبًا نَفْسَهُ بِاعْتِرَافِهِ الثَّانِي فَيُحَدُّ، وَلَوْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: هُمَا ابْنَايَ لَا يُحَدُّ وَلَا يَكُونُ تَكْذِيبًا لِأَنَّهُ صَادِقٌ لِأَنَّهُمَا لَزِمَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ فَكَانَ مُخْبِرًا عَمَّا ثَبَتَ بِالْحُكْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>