للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَعْتَقَ وَصَامَ عَنْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ.

بَابُ اللِّعَانِ وَيَجِبُ بِقَذْفِ الزَّوْجَةِ بِالزِّنَا أَوْ بِنَفْيِ الْوَلَدِ إِذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

ذَلِكَ عَنْ ظِهَارٍ وَإِفْطَارٍ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَعَلَيْهِ قِيَاسُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهَذَا لِأَنَّ بِالْمُؤَدَّى وَفَاءً بِهِمَا، وَالْمَصْرُوفُ إِلَيْهِ مَحَلٌّ لَهُمَا فَيَقَعُ عَنْهُمَا وَصَارَ كَمَا إِذَا فَرَّقَ الدَّفْعَ. وَلَهُمَا أَنَّ النِّيَّةَ تُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسَيْنِ لَا فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَإِذَا لَغَتِ النِّيَّةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بَقِيَ أَصْلُ النِّيَّةِ فَيُجْزِي عَنِ الْوَاحِدَةِ كَمَا إِذَا قَالَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ.

(وَإِنْ أَعْتَقَ وَصَامَ عَنْ كَفَارَتَيْ ظِهَارٍ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ) لِأَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ.

[بَابُ اللِّعَانِ]

وَهُوَ مَصْدَرُ لَاعَنَ يُلَاعِنُ مُلَاعَنَةً كَقَاتَلَ يُقَاتِلُ مُقَاتَلَةً، وَالْمُلَاعَنَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ اللَّعْنِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْوَزْنُ إِلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ، إِلَّا مَا شَذَّ كَرَاهَقْتُ الْحُلُمَ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ لَفْظٌ عَامٌّ.

وَفِي الشَّرْعِ: هُوَ مُخْتَصٌّ بِمُلَاعَنَةٍ تَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبٍ مَخْصُوصٍ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى مَا يَأْتِيكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِالْأَيْمَانِ مُوَثَّقَةٌ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ، وَقَدْ كَانَ مُوجَبُ الْقَذْفِ فِي الْحَدِّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَالزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] الْآيَةَ؛ فَنُسِخَ فِي الزَّوْجَاتِ إِلَى اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] الْآيَةَ، وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ خَوْلَةَ بِشُرَيْكِ ابْنِ سَحْمَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: رَأَيْتُ بِعَيْنِي وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: الْآنَ يُضْرَبُ هِلَالٌ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ، فَجَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الْحَدِّ، فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩] فَلَاعَنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَهُمَا، وَقَالَ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّعْنَةِ وَالْغَضَبِ: آمِينَ، وَقَالَ الْقَوْمُ: آمِينَ» ، قَالَ: (وَيَجِبُ بِقَذْفِ الزَّوْجَةِ بِالزِّنَا) لِمَا تَلَوْنَا (أَوْ بِنَفْيِ الْوَلَدِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ. قَالَ: (إِذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا وَطَالَبَتْهُ بِذَلِكَ) لِأَنَّ الرُّكْنَ فِيهِ الشَّهَادَةُ. قَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>