وَلَا بُدَّ مِنْ شِبَعِهِمْ فِي الْأَكْلَتَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِدَامِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ دُونَ الْحِنْطَةِ، وَلَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَعْطَاهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَنِ الْكُلِّ أَجْزَأَهُ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ جَامَعَهَا فِي خِلَالِ الْإِطْعَامِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ أَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا عَنْ كَفَارَتَيْ ظِهَارٍ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَإِنْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ كَفَارَتَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا عَنْ وَاحِدَةٍ (م) ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
مِنَ الطَّعْمِ (وَلَا بُدَّ مِنْ شِبَعِهِمْ فِي الْأَكْلَتَيْنِ) اعْتِبِارًا لِلْعَادَةِ (وَلَا بُدَّ مِنَ الْإِدَامِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ دُونَ الْحِنْطَةِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الشِّبَعِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ دُونَ الْإِدَامِ فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَنْسَاغُ دُونَهُ، وَلَا كَذَلِكَ خُبْزُ الْحِنْطَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ خُبْزًا وَإِدَامًا أَوْ خُبْزًا بِغَيْرِ إِدَامٍ أَوْ خُبْزَ الشَّعِيرِ أَوْ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا - جَازَ، وَلَوْ غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ غَيْرَهُمْ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يُعِيدَ عَلَى سِتِّينَ مِنْهُمْ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً، وَيَجُوزُ غَدَاءَانِ أَوْ عَشَاءَانِ أَوْ عَشَاءٌ وَسَحُورٌ، وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ يَوْمًا وَعَشَّاهُمْ يَوْمًا آخَرَ لِوُجُودِ أَكْلَتَيْنِ مُشْبِعَتَيْنِ، وَلَوْ عَشَّاهُمْ فِي رَمَضَانَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ لَيْلَتَيْنِ أَجْزَأَهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ، وَلَوْ أَطْعَمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مُدًّا آخَرَ، وَلَا يَجُوزَ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُمْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ شَيْئَانِ: مُرَاعَاةُ عَدَدِ الْمَسَاكِينِ، وَالْمِقْدَارُ فِي الْوَظِيفَةِ لِكُلِّ الْمَسَاكِينِ.
قَالَ: (وَلَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا) وَاحِدًا (سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ دَفْعُ حَاجَةِ الْمِسْكِينِ وَأَنَّهَا تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْيَوْمِ، (وَإِنْ أَعْطَاهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَنِ الْكُلِّ أَجْزَأَهُ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْإِبَاحَةِ، فَأَمَّا التَّمْلِيكُ مِنْهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي دُفْعَاتٍ، قِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى التَّمْلِيكِ تَتَجَدَّدُ فِي الْيَوْمِ مَرَّاتٍ، وَلَوْ دَفَعَ الْكُلَّ إِلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا يَجُوزُ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ وَاجِبٌ بِالنَّصِّ.
قَالَ: (فَإِنْ جَامَعَهَا فِي خِلَالِ الْإِطْعَامِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ) لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَشْرُطْ فِي الْإِطْعَامِ قَبْلَ الْمَسِيسِ، إِلَّا أَنَّا أَوْجَبْنَاهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِاحْتِمَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِعْتَاقِ أَوِ الصَّوْمِ فَيَقَعَانِ بَعْدَ الْمَسِيسِ، وَالْمَنْعُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ لَا يُنَافِي الْمَشْرُوعِيَّةَ.
قَالَ: (وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ، أَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا عَنْ كَفَارَتَيْ ظِهَارٍ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) لِأَنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعْيِينِ. وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لَمَّا أَعْتَقَ عَنْهُمَا انْقَسَمَ كُلُّ إِعْتَاقٍ عَلَيْهِمَا فَيَقَعُ الْعِتْقُ أَشْقَاصًا عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَلَا يَجُوزُ كَمَا إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ. وَلَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ تَكْمِيلُ الْعَدَدِ دُونَ التَّعْيِينِ، إِذِ التَّعْيِينُ لَا يُفِيدُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ عَلَى مَا عُرِفَ، بِخِلَافِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، لِأَنَّ التَّعْيِينَ مُفِيدٌ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ.
(وَإِنْ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ لَمْ يُجْزهِ إِلَّا عَنْ وَاحِدَةٍ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَنْهُمَا، وَإِنْ أَطْعَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute