للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الظِّهَارِ

وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ بَدَنِهَا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا بِعُضْوٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنْ أَعْضَاءِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ. وَحُكْمُهُ: حُرْمَةُ الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ حَتَّى يُكَفِّرَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

إِذْنِهِ؛ لِأَنَّهَا مَحْجُورَةٌ عَنِ التَّبَرُّعَاتِ، وَلَوِ اخْتَلَعَتِ الْأَمَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَزِمَهَا لِلْحَالِ، وَإِذَا خَلَعَ الْأَمَةَ مَوْلَاهَا مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ عَلَى رَقَبَتِهَا صَحَّ الْخُلْعُ بِغَيْرِ شَيْءٍ.

وَلَو كَانَ الزَّوْجُ مكاتَبًا عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا جَازَ الْخُلْعُ وَصَارَتْ أَمَةً لِلسَّيِّدِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تَصِيرُ مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَفِي الْحُرِّ لَوْ صَارَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ فَيَبْطُلُ الْخُلْعُ.

أَمَتَانِ تَحْتَ حُرٍّ خَلَعَهُمَا الْمَوْلَى عَلَى رَقَبَةِ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا بَطَلَ الْخُلْعُ فِيهَا وَصَحَّ فِي الْأُخْرَى وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى مَهْرِهِمَا، فَمَا أَصَابَ مَهْرَ الَّتِي صَحَّ خُلْعُهَا فَهُوَ لِلزَّوْجِ مِنْ رَقَبَةِ الْأُخْرَى، وَلَوْ خَلَعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى رَقَبَةِ الْأُخْرَى وَقَعَ الطَّلَاقَانِ بَائِنَيْنِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، لِأَنَّهُ قَارَنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ وُقُوعَ الْمِلْكِ فِي رَقَبَتِهَا فَتَعَذَّرَ إِيجَابُ الْعِوَضِ، وَلَوْ طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى رَقَبَةِ صَاحِبَتِهَا يَقَعُ رَجْعِيًّا.

[بَابُ الظِّهَار]

ِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الظَّهْرِ، يُقَالُ: ظَاهَرَ يُظَاهِرُ ظِهَارًا، وَأَصْلُهُ قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْضَاءِ، وَإِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.

(وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ بَدَنِهَا) كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، (أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا) كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، (بِعُضْوٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ) كَالظَّهْرِ وَالْفَخْذِ وَالْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، لِأَنَّ الْكُلَّ فِي مَعْنَى الظَّهْرِ فِي الْحُرْمَةِ (مِنْ أَعْضَاءِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ) كَأُمِّهِ وَبِنْتِهِ وَجَدَّتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَأُخْتِهِ وَغَيْرِهِنَّ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى التَّأْبِيدِ، لِأَنَّ الْكُلَّ كَالْأُمِّ فِي تَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ.

(وَحُكْمُهُ: حُرْمَةُ الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ حَتَّى يُكَفِّرَ) تَحَرُّزًا عَنِ الْوُقُوعِ فِيهِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فَيُحْرِجُ وَلَا كَذَلِكَ الظِّهَارُ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا فَجَعَلَهُ الشَّرْعُ مُوجِبًا حُرْمَةً مُتَنَاهِيَةً بِالْكَفَّارَةِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ «حَدِيثُ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ، وَقِيلَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَرَادَهَا فَأَبَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَكَانَ أَوَّلَ ظِهَارٍ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَدِمَ وَكَانَ الظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: مَا أَظُنُّكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِطَلَاقٍ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنَّ أَوْسًا تَزَوَّجَنِي وَأَنَا شَابَّةٌ غَنِيَّةٌ ذَاتُ مَالٍ وَأَهْلٍ، حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>