للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ يُسْقِطَانِ كُلَّ (سَمِّ) حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتِ الْمَهْرَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَيُعْتَبَرُ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنَ الثُّلُثِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

اشْتَرَيْتُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ مَجَّانًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ.

قَالَ: (وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ يُسْقِطَانِ كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتِ الْمَهْرَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ لَزِمَهَا وَسَقَطَ الصَّدَاقُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَسْقُطُ فِيهِمَا إِلَّا مَا سَمَّيَاهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِي الْخُلْعِ وَمَعَ شَيْخِهِ فِي الْمُبَارَأَةِ. لِمُحَمَّدٍ أَنَّهُ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِحَقِيقَةِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي فَجُعِلَا كِنَايَةً عَنِ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فَلَا يَجِبُ إِلَّا مَا سَمَّيَاهُ. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُبَارَأَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ وَقَضِيَّتُهَا الْبَرَاءَةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا، إِلَّا أَنَّا اقْتَصَرْنَا عَلَى مَا وَقَعَتِ الْمُبَارَأَةُ لِأَجْلِهِ وَهُوَ حُقُوقُ النِّكَاحِ. أَمَّا الْخُلْعُ فَيَقْتَضِي الِانْخِلَاعَ، وَقَدْ حَصَلَ الِانْخِلَاعُ مِنَ النِّكَاحِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى حُقُوقِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخُلْعَ عِبَارَةٌ عَنِ الِانْخِلَاعِ وَالِانْتِزَاعِ عَلَى مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَالْمُبَارَأَةُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ تَقْتَضِي الِانْخِلَاعَ وَالْبَرَاءَةَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَنَفْسُ النِّكَاحِ لَا يَحْتَمِلُ الِانْخِلَاعَ وَالْبَرَاءَةَ، وَحُقُوقُهُ تَقْبَلُ ذَلِكَ فَتَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا لِيَحْصُلَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْخُلْعِ وَهُوَ انْقِطَاعُ الْمُشَاجَرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ نَقُولُ: يُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِمَا فِي النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ وَحُقُوقِهِ بِدَلَالَةِ الْعِوَضِ.

وَلَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوِ اخْتَلَعَا وَلَمْ يَذْكُرَا الْمَهْرَ وَلَا بَدَلًا آخَرَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَهْرِ وَمَا قَبَضَتْهُ فَهُوَ لَهَا، وَإِنْ ذَكَرَا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ سَقَطَتْ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ، وَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَهِيَ مَئُونَةُ الرَّضَاعِ إِلَّا بِالشَّرْطِ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ لَهَا، فَإِنْ شَرَطَا الْبَرَاءَةَ مِنْهَا فِي الْخُلْعِ وَوَقَّتَا بِأَنْ قَالَ: إِلَى سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ سَقَطَتْ، فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الرَّضَاعِ إِلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ، وَالْحِيلَةُ لِعَدَمِ الرُّجُوعِ أَنْ يَقُولَ: خَالَعْتُكِ عَلَى كَذَا، أَوْ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ إِلَى سَنَتَيْنِ، فَإِنْ مَاتَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَلَا رُجُوعَ لِي عَلَيْكِ.

قَالَ: (وَيُعْتَبَرُ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنَ الثُّلُثِ) لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْبُضْعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ، وَلَيْسَ مِنَ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَكَانَ كَالْوَصِيَّةِ، وَهَذَا إِذَا مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَمَّا إِذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَلِلزَّوْجِ الْأَقَلُّ مِنَ الْمِيرَاثِ وَمِنَ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهَا وَمِنَ الثُّلُثِ.

فَصْلٌ إِذَا اخْتَلَعَتِ الْمُكَاتَبَةُ لَزِمَهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَوْ بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>