وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْعَيْنِ أُخِذَ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَثُلُثُ مَا يَحْصُلُ مِنَ الدَّيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا، وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْمَسَاكِينِ فَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ (م) ، وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُكَ مَعَهُمَا فَلَهُ ثُلُثُ كُلِّ مِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدَّقُوهُ يُصَدَّقُ إِلَى الثُّلُثِ، وَإِنْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثٍ فَالنِّصْفُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَبَطَلَ نِصْفُ الْوَارِثِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الَّذِي هُوَ مَحِلُّهَا مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالْوَرَثَةِ فَيُنَفَّذُ.
(وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْعَيْنِ أُخِذَ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَثُلُثُ مَا يُحَصَّلُ مِنَ الدَّيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا) لِأَنَّ التَّرِكَةَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُمْ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمَا ; لِأَنَّ الْعَيْنَ خَيْرٌ مِنَ الدَّيْنِ، فَلَوِ اخْتَصَّ بِهِ أَحَدُهُمَا تَضَرَّرَ الْآخَرُ فَكَانَ الْعَدْلُ فِيمَا ذَكَرْنَا.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْمَسَاكِينِ، فَنِصْفُهُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ ثُلُثَاهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ اسْمَ الْمَسَاكِينِ عِنْدَهُ يَتَنَاوَلُ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْجَمْعُ فِي بَابِ الْمِيرَاثِ يَتَنَاوَلُ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَكَذَا هَذَا. وَعِنْدَهُمَا يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ فَصَاعِدًا ; لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تَقْتَضِي الْجِنْسَ، وَمَتَى تَعَذَّرَ الصَّرْفُ إِلَى الْجِنْسِ يُصْرَفُ إِلَى الْأَدْنَى وَهُوَ وَاحِدٌ كَالْيَمِينِ فِي شُرْبِ الْمَاءِ وَتَزْوِيجِ النِّسَاءِ وَكَلَامِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِشُرْبِ قَطْرَةٍ وَتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ وَكَلَامِ وَاحِدٍ، وَهَهُنَا تَعَذَّرَ صَرْفُهُ إِلَى الْجِنْسِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ فَيُصْرَفُ إِلَى الْأَدْنَى وَهُوَ الْوَاحِدُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى وَاحِدٍ. وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِمَا مَرَّ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سَهْمٌ لِفُلَانٍ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِلْفُقَرَاءِ ; لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفَانِ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِثَلَاثَةٍ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سَهْمٌ لِفُلَانٍ وَسَهْمٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الِاسْمَيْنِ يُنْبِئُ عَنِ الْحَاجَةِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِفُلَانٍ، وَلِكُلِّ صِنْفٍ سَهْمَانِ لِمَا مَرَّ.
قَالَ: (وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُكَ مَعَهُمَا فَلَهُ ثُلُثُ كُلِّ مِائَةٍ) تَحْقِيقًا لِلشَّرِكَةِ، إِذِ الشَّرِكَةُ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ. وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ وَلِآخَرَ بِخَمْسِينَ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: أَشْرَكْتُكَ مَعَهُمَا، فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْكُلِّ لِتَفَاوُتِ الْمَالَيْنِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى مُسَاوَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَلًا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ لِوَرَثَتِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدَّقُوهُ يُصَدَّقُ إِلَى الثُّلُثِ) أَيْ إِذَا ادَّعَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ فَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِالْبَيَانِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَأَمْضَيْنَا قَصْدَهُ وَجَعَلْنَاهُ وَصِيَّةً فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً بِالثُّلُثِ.
قَالَ: (وَإِنْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثٍ فَالنِّصْفُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَبَطَلَ نِصْفُ الْوَارِثِ)