وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ ثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَاهَا وَبَقِيَ ثُلُثُهَا وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَهُ جَمِيعُهُ (ز) ، وَكَذَا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالثِّيَابُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ وَالدُّورُ، وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَعَمْرٌو مَيِّتٌ فَالثُّلُثُ لِزَيْدٍ، وَلَوْ قَالَ: بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَنِصْفُهُ لِزَيْدٍ، وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَلَهُ مَالُ عَيْنٍ وَدَيْنٌ وَالْأَلْفُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ دُفِعَتْ إِلَيْهِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ ثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَاهَا وَبَقِيَ ثُلُثُهَا وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَهُ جَمِيعُهُ، وَكَذَا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالثِّيَابُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ وَالدُّورُ) وَقَالَ زُفَرُ: لَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا، فَمَا هَلَكَ يَهْلَكُ عَلَى الْحَقَّيْنِ، وَمَا يَبْقَى يَبْقَى عَلَيْهِمَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرِكَةِ وَكَمَا فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَلَنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَعَلَّقَتْ بِالْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقِسْمَةِ مَعَ الْوَرَثَةِ لَوْ قَسَّمَ قَبْلَ الْهَلَاكِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ الْقِسْمَةُ جَبْرًا وَأَنَّهُ إِفْرَازٌ فِيهِ، وَكُلُّ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَا هَلَكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَاهُ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُوصَى لَهُ الْبَاقِي بِالْقِسْمَةِ، فَلَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَجْرِي فِيهِ جَبْرًا، وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ مُبَادَلَةً فَلَا يَكُونُ لَهُ إِلَّا ثُلُثُ الْبَاقِي ضَرُورَةَ الْمُبَادَلَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، إِذْ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ قِسْمَةِ الْجَبْرِ فِيهَا، وَأَمَّا الدُّورُ الْمُخْتَلِفَةُ وَالرَّقِيقُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْسَمُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالثِّيَابِ وَالْغَنَمِ؛ لِأَنَّهَا تُقَسَّمُ عِنْدَهُمَا، وَقِيلَ: لَا. أَمَّا الدُّورُ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عِنْدَهُمَا إِذَا رَأَى الْقَاضِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً فَكَانَ فِي مَعْنَى الْقِسْمَةِ أَضْعَفُ مِمَّا يُقْسَمُ بِكُلِّ حَالٍ. وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُقْسَمُ عِنْدَهُمَا لَكِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فَاحِشٌ فَصَارَ كَجِنْسَيْنِ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَعَمْرٌو مَيِّتٌ فَالثُّلُثُ لِزَيْدٍ لِأَنَّ عَمْرًا إِنَّمَا يُزَاحِمُ لَوْ كَانَ حَيًّا، أَمَّا الْمَيِّتُ لَا يُزَاحِمُ فَبَقِيَ الثُّلُثُ لِزَيْدٍ بِلَا مُزَاحِمٍ بِقَوْلِهِ: ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ، وَلَغَا قَوْلُهُ وَعَمْرٍو. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إِنْ عَلِمَ بِمَوْتِ عَمْرٍو فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ذِكْرَ عَمْرٍو لَغْوٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِزَيْدٍ نِصْفُ الثُّلُثِ ; لِأَنَّ مِنْ زَعْمِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِنِصْفِ الثُّلُثِ فَيَكُونُ كَمَا زَعَمَ.
(وَلَوْ قَالَ: بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَنَصِفُهُ لِزَيْدٍ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي التَّنْصِيفَ بَيْنَهُمَا، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ وَسَكَتَ كَانَ جَمِيعُ الثُّلُثِ لَهُ؟ وَلَوْ قَالَ: بَيْنَ زَيْدٍ وَسَكْتَ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ.
قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَلَهُ مَالٌ عَيْنٌ وَدَيْنٌ، وَالْأَلْفُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ دُفِعَتْ إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ مِنَ الثُّلُثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute