وَالْمُكَاتَبُ الَذِي أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ، وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ أَوْ إِبْهَامَيْهِمَا أَوِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا الْأَعْمَى وَلَا الْأَصَمُّ وَلَا الْأَخْرَسُ وَلَا الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ وَلَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ، وَإِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ أَوِ ابْنَهُ يَنْوِي الْكَفَّارَةَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ جَامَعَهَا ثُمَّ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ لَمْ يُجْزِهِ (سم) وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْ بَيْنَ الْإِعْتَاقَيْنِ أَجْزَأَهُ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
(و) لَا (الْمُكَاتَبُ الَّذِي أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعِتْقَ بِبَدَلٍ، وَيَجُوزُ الْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا، لِأَنَّ الرِّقَّ قَائِمٌ بِهِ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَعْنَى فِيمَنْ أَدَّى الْبَعْضَ مُنْتَفٍ، عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ مَنْ أَدَّى الْبَعْضَ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَبْدٌ بِالْحَدِيثِ حَتَّى لَوْ فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ عَادَ رَقِيقًا، بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسَخُ أَصْلًا.
قَالَ: (وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ أَوْ إِبْهَامَيْهِمًا أَوِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا الْأَعْمَى وَلَا الْأَصَمُّ وَلَا الْأَخْرَسُ وَلَا الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ) لِأَنَّ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ تَفُوتُ فِي هَؤُلَاءِ، وَهُوَ الْبَطْشُ وَالسَّعْيُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالِانْتِفَاعُ بِالْجَوَارِحِ بِالْعَقْلِ، وَالْمَجْنُونُ فَائِتُ الْمَنْفَعَةِ، وَبَطْشُ الْيَدَيْنِ بِالْإِبْهَامَيْنِ فَبِفَوْتِهِمَا تَفُوتُ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ وَأَنَّهُ مَانِعٌ، لِأَنَّ قِيَامَ الرَّقَبَةِ بِقِيَامِ الْمَنْفَعَةِ وَإِذَا فَاتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ صَارَتِ الرَّقَبَةُ هَالِكَةً مِنْ وَجْهٍ فَكَانَتْ نَاقِصَةً فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الِاسْمُ، أَمَّا إِذَا اخْتَلَّتِ الْمَنْفَعَةُ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ، لِأَنَّ الْعَيْبَ الْقَلِيلَ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَذَلِكَ كَالْأَعْوَرِ وَمَقْطُوعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا يَجُوزُ إِذَا قُطِعَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ لِفَوَاتِ جِنْسِ مَنْفَعَةِ الشَّيْءِ، وَلَا يَجُوزُ الْمَعْتُوهُ وَالْمَفْلُوجُ الْيَابِسُ الشِّقِّ لِمَا بَيَّنَّا، وَثَلَاثَةُ أَصَابِعَ مِنَ الْيَدِ لَهَا حُكْمُ الْكُلِّ، وَيَجُوزُ عِتْقُ الْخَصِيِّ وَالْمَجُبُوبِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ الْقِيمَةَ لَا يُنْقِصُهَا، وَيَجُوزُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ، وَيَجُوزُ مَقْطُوعُ الشَّفَتَيْنِ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَكْلِ وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَا) يَجُوزُ (مُعَتَقُ الْبَعْضِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ كَامِلَةٍ.
قَالَ: (وَإِنِ اشْتَرَى أَبَاهُ أَوِ ابْنَهُ يَنْوِي الْكَفَّارَةَ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إِعْتَاقٌ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَنْ يجْزِئ وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» ، أَخْبَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ الِابْنَ قَادِرٌ عَلَى إِعْتَاقِ الْأَبِ فَيَكُونُ قَادِرًا تَصْدِيقًا لَهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِعْتَاقِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَلَا بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ، فَيَكُونُ نَفْسُ الشِّرَاءِ إِعْتَاقًا، فَإِذَا نَوَى بِالشِّرَاءِ الْكَفَّارَةَ يَصِيرُ إِعْتَاقًا عَنِ الْكَفَّارَةِ فَيَصِحُّ وَيُجْزِئُهُ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ ثُمَّ جَامَعَهَا ثُمَّ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ لَمْ يُجْزِهِ) عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا يُجْزِئُهُ بِنَاءً عَلَى تَجْزِيءِ الْإِعْتَاقِ، فَعِنْدَهُمَا لَمَّا أَعْتَقَ نِصْفَهُ كَانَ إِعْتَاقًا لِلْجَمِيعِ، وَعِنْدَهُ لَا، فَقَدْ أَعْتَقَ النِّصْفَ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالنِّصْفَ بَعْدَهُ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا يُجْزِئُهُ فَيَسْتَأْنِفُ عِتْقَ رَقَبَةٍ أُخْرَى.
(وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْ بَيْنَ الْإِعْتَاقَيْنِ أَجْزَأَهُ) بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute