للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَخْرُجُ الْمَبْتُوتَةُ مِنْ بَيْتِهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَفَاةٍ تَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ وَتَبِيتُ فِي مَنْزِلَهَا، وَالْأَمَةُ تَخْرُجُ لِحَاجَةِ الْمَوْلَى فِي الْعِدَّتَيْنِ فِي الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا، وَتَعْتَدُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ إِلَّا أَنْ يَنْهَدِمَ أَوْ تُخْرَجَ مِنْهُ أَوْ لَا تَقْدِرَ عَلَى أُجْرَتِهِ فَتَنْتَقِلَ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَكَانَ ضَرُورَةً دُونَ التَّزَيُّنِ، وَكَذَا إِذَا خَافَتْ مِنْ تَرْكِ الدُّهْنِ وَالْكُحْلِ حُدُوثَ مَرَضٍ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً لِذَلِكَ يُبَاحُ لَهَا ذَلِكَ.

وَلَا إِحْدَادَ عَلَى صَغِيرَةٍ وَلَا مَجْنُونَةٍ لِعَدَمِ الْخِطَابِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْكَافِرَةِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلْعِبَادَاتِ وَلَيْسَ فِيهَا إِبْطَالُ حَقِّ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إِحْدَادٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَأَسَّفُ عَلَى زَوَالِهِ لِأَنَّهُ وَاجِبُ الزَّوَالِ وَلِأَنَّهُ نِقْمَةٌ فَزَوَالُهُ نِعْمَةٌ.

قَالَ: (وَلَا تَخْرُجُ الْمَبْتُوتَةُ مِنْ بَيْتِهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: ١] ، وَلِأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ فَلَا حَاجَةَ لَهَا إِلَى الْخُرُوجِ كَالزَّوْجَةِ، حَتَّى لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا قِيلَ تَخْرُجُ نَهَارًا لِمَعَاشِهَا، وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّهَا اخْتَارَتْ إِسْقَاطَ نَفَقَتِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إِبْطَالِ حَقِّ الْمُخْتَلِعَةِ عَلَيْهَا عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ.

قَالَ: (وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَفَاةٍ تَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ وَتَبِيتُ فِي مَنْزِلِهَا) لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَتَضْطَرُّ إِلَى الْخُرُوجِ لِإِصْلَاحِ مَعَاشِهَا وَرُبَّمَا امْتَدَّ ذَلِكَ إِلَى اللَّيْلِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ لِمَا بَيَّنَّا.

(وَالْأَمَةُ تَخْرُجُ لِحَاجَةِ الْمَوْلَى فِي الْعِدَّتَيْنِ فِي الْوَقْتَيْنِ جَمِيعًا) لِمَا فِي الْمَنْعِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّهِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى بَوَّأَهَا لَمْ تَخْرُجْ مَا دَامَتْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ تَخْرُجُ إِلَّا إِذَا مَنَعَهَا الزَّوْجُ لِصِيَانَةِ مَائِهِ، وَالْمَجْنُونَةُ وَالْمَعْتُوهَةُ كَالذِّمِّيَّةِ، وَالصَّبِيَّةُ تَخْرُجُ لِأَنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا الْعِبَادَاتُ، وَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ الْوَلَدِ، وَلَا وَلَدَ إِلَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ.

(وَتَعْتَدُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ) لِأَنَّهُ الْبَيْتُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسْكُنُهُ، «وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّتِي قُتِلَ زَوْجُهَا: اسْكُنِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» .

قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَنْهَدِمَ أَوْ تَخْرُجَ مِنْهُ أَوْ لَا تَقْدِرَ عَلَى أُجْرَتِهِ فَتَنْتَقِلُ) لِمَا يَلْحَقُهَا مِنَ الضَّرَرِ فِي ذَلِكَ. أَمَّا إِذَا انْهَدَمَ فَلِأَنَّ السُّكْنَى فِي الْخَرِبَةِ لَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا، ثُمَّ قِيلَ تَنْتَقِلُ حَيْثُ شَاءَتْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَبْتُوتَةً فَتَنْتَقِلُ إِلَى حَيْثُ شَاءَ الرَّجُلَ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَإِذَا حَوَّلَهَا الْوَرَثَةُ أَوْ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَقَلَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ، وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نَقَلَتْ أُخْتَهَا لَمَّا قُتِلَ طَلْحَةُ رَضِيَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>