للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَحِلُّ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَلَا الْبِغَالُ وَلَا الْخَيْلُ (سم) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَالْبَازِيُّ وَالنَّسْرُ وَالْعُقَابُ وَالشَّاهِينُ وَالْحِدَأَةُ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الدَّلَقُ وَالسِّنْجَابُ وَالْفَنَكُ وَالسُّمُّورُ وَمَا شَابَهَهُ سَبُعٌ، وَلَا يُؤْكَلُ ابْنُ عُرْسٍ لِأَنَّهَا ذَاتُ أَنْيَابٍ فَدَخَلَتْ تَحْتَ النَّصِّ، وَفِي الْحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ أَكْلِ الْخَطْفَةِ وَالنُّهْبَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ» ; فَالْخَطْفَةُ: الَّتِي تَخْتَطِفُ فِي الْهَوَاءِ كَالْبَازِيِّ وَنَحْوِهِ، وَالنُّهْبَةُ: الَّذِي يَنْتَهِبُ عَلَى الْأَرْضِ كَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَالْمُجَثَّمَةُ: فَقَدْ رُوِيَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فَبِالْفَتْحِ كُلُّ صَيْدٍ جَثَمَ عَلَيْهِ الْكَلْبُ حَتَّى مَاتَ غَمًّا، وَبِالْكَسْرِ كُلُّ حَيَوَانٍ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَجْثُمَ عَلَى الصَّيْدِ كَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ، وَمَعْنَى تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَرَامَةٌ لبَنِي آدَمَ لِئَلَّا يَتَعَدَّى إِلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ الذَّمِيمَةِ بِالْأَكْلِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ حَرَامٌ إِلَّا الْجَرَادَ، مِثْلُ الذُّبَابِ وَالزَّنَابِيرِ وَالْعَقَارِبِ، وَكَذَا سَائِرُ هَوَامِّ الْأَرْضِ وَمَا يَدِبُّ عَلَيْهَا وَمَا يَسْكُنُ تَحْتَهَا، وَهِيَ الْحَشَرَاتُ كَالْفَأْرَةِ وَالْوَزَغَةِ وَالْيَرْبُوعِ وَالْقُنْفُذِ وَالْحَيَّةِ وَنَحْوِهَا ; لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنَ الْخَبَائِثِ فَيَحْرُمُ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] .

قَالَ: (وَلَا تَحِلُّ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَلَا الْبِغَالُ وَلَا الْخَيْلُ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] خَرَجَتْ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ، فَلَوْ جَازَ أَكْلُهَا لَذَكَرَهُ ; لِأَنَّ نِعْمَةَ الْأَكْلِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الرُّكُوبِ. وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَحْمُ الْخَيْلِ حَلَالٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -» ، وَرُوِيَ: " أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي الْخَيْلِ» .

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا تَلَوْنَا مِنَ الْآيَةِ. وَمَا رَوَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ» ، وَرَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ عَدِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «حَرَامٌ عَلَيْكُمُ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَخَيْلُهَا وَبِغَالُهَا وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ» ، وَلِأَنَّ الْبَغْلَ وَهُوَ نِتَاجُهُ لَا يُؤْكَلُ فَلَا يُؤْكَلُ الْفَرَسُ ; لِأَنَّ أَكْلَ النِّتَاجِ مُعْتَبَرٌ بِأُمِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ لَوْ نَزَا عَلَى الْأَتَانِ الْأَهْلِيَّةِ لَا يُؤْكَلُ؟ فَكَذَا هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>