للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُكْرَهُ الرَّخَمُ وَالْبُغَاثُ وَالْغُرَابُ وَالضَّبُّ وَالسُّلَحْفَاةُ وَالْحَشَرَاتُ، وَيَجُوزُ غُرَابُ الزَّرْعِ وَالْعَقْعَقُ وَالْأَرْنَبُ وَالْجَرَادُ وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْمَاءِ إِلَّا السَّمَكُ، وَلَا يُؤْكَلُ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (وَيُكْرَهُ الرُّخُمُ وَالْبُغَاثُ وَالْغُرَابُ) ; لِأَنَّهَا تَأْكُلُ الْجِيَفَ فَكَانَتْ مِنَ الْخَبَائِثِ، إِذِ الْمُرَادُ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ وَكَذَلِكَ الْغِدَافُ.

قَالَ: (وَالضَّبُّ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ضَبٌّ فَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ، فَجَاءَتْ سَائِلَةٌ فَأَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تُطْعِمَهَا، فَقَالَ لَهَا: أَتُطْعِمِينَ مَا لَا تَأْكُلِينَ؟» وَلَوْلَا حُرْمَتُهُ لَمَا مَنَعَهَا عَنِ التَّصَدُّقِ كَمَا فِي شَاةِ الْأَنْصَارِ.

قَالَ: (وَالسُّلَحْفَاةُ) ; لِأَنَّهَا مِنَ الْفَوَاسِقِ (وَالْحَشَرَاتُ) بِدَلِيلِ جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ. قَالَ: (وَيَجُوزُ غُرَابُ الزَّرْعِ وَالْعَقْعَقُ وَالْأَرْنَبُ وَالْجَرَادُ) قَالَ أَبُو يُوسُفَ: غُرَابُ الزَّرْعِ لَهُ هَيْئَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلْغُرَابِ فِي صِغَرِ جُثَّتِهِ، وَأَنَّهُ يَدَّخِرُ فِي الْمَنَازِلِ وَيُؤْلَفُ كَالْحَمَامِ وَيَطِيرُ وَيَرْجِعُ، وَالْعَقْعَقُ يَخْلِطُ فِي أَكْلِهِ فَأَشْبَهَ الدَّجَاجَ، وَالْأَرْنَبَ، لِمَا رَوَى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ قَالَ: «أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرْنَبَةٌ مَشْوِيَّةٌ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا» . قَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَمَّا الْوَبَرُ فَلَا أَحْفَظُ فِيهِ شَيْئًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ عِنْدِي كَالْأَرْنَبِ وَهُوَ يَعْتَلِفُ الْبُقُولَ وَالنَّبْتَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ إِلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْحَظْرِ، وَأَمَّا الْجَرَادُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، أَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالسَّمَكُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» ، وَسَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ كَالْمَطَرِ وَنَحْوِهِ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ.

قَالَ: (وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْمَاءِ إِلَّا السَّمَكُ) لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ فَيَحْرُمُ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا حَلَّ السَّمَكُ بِمَا رُوِّينَا مِنَ الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ الْجِرِّيثَ وَالْمَارَمَاهِي وَغَيْرِهِمَا. وَعَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الضُّفْدَعِ يُجْعَلُ شَحْمُهُ فِي الدَّوَاءِ فَنَهَى عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ وَقَالَ: خَبِيثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ» .

قَالَ: (وَلَا يُؤْكَلُ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ) وَهُوَ مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ أَكْلِ الطَّافِي» ، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا تَبِيعُوا فِي أَسْوَاقِنَا الطَّافِيَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا دَسَرَهُ الْبَحْرُ فَكُلْهُ، وَمَا وَجَدْتَهُ مَطْفُوًّا عَلَى الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْهُ. وَمَا مَاتَ مِنَ الْحَرِّ أَوِ الْبَرْدِ أَوْ كَدِرِ الْمَاءِ رُوِيَ أَنَّهُ يُؤْكَلُ ; لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ الْمَاءُ عَلَى الْيُبْسِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ ; لَأَنَّ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ مِنْ صِفَاتِ الزَّمَانِ وَلَيْسَا مِنْ حَوَادِثِ الْمَوْتِ عَادَةً، وَلَوِ ابْتَلَعَتْ سَمَكَةٌ سَمَكَةً تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ حَادِثٌ لِلْمَوْتِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>