للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهُ وَأَكْثَرُ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ وَضَمِنَهُ، وَذَلِكَ كَذَبْحِ الشَّاةِ وَطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا أَوْ تَقْطِيعِهَا، وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ أَوْ زَرْعِهَا، وَخَبْزِ الدَّقِيقِ، وَجَعْلِ الْحَدِيدِ سَيْفًا وَالصُّفْرِ آنِيَةً، وَالْبِنَاءِ عَلَى السَّاجَةِ، وَاللَّبِنِ حَائِطًا. وَعَصْرِ الزَّيْتُونِ وَالْعِنَبِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَنَسْجِ الْغَزْلِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهُ (ز) . وَلَوْ غَصَبَ تِبْرًا، فَضَرَبَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً - لَمْ يَمْلِكْهُ (سم) .

وَمَنْ خَرَقَ ثَوْبَ غَيْرِهِ، فَأَبْطَلَ عَامَّةَ مَنْفَعَتِهِ - ضَمِنَهُ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

إِنْ حَدَثَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَهَا.

قَالَ: (وَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهُ وَأَكْثَرُ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ وَضَمِنَهُ. وَذَلِكَ كَذَبْحِ الشَّاةِ وَطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا أَوْ تَقْطِيعِهَا، وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ أَوْ زَرْعِهَا، وَخَبْزِ الدَّقِيقِ، وَجَعْلِ الْحَدِيدِ سَيْفًا وَالصُّفْرِ آنِيَةً، وَالْبِنَاءِ عَلَى السَّاجَةِ، وَاللَّبِنِ حَائِطًا، وَعَصْرِ الزَّيْتُونِ وَالْعِنَبِ، وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَنَسْجِ الْغَزْلِ) .

وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا مِنْ وَجْهٍ؛ لِفَوَاتِ مُعْظَمِ الْمَقَاصِدِ وَتَبَدُّلِ الِاسْمِ، وَحَقُّهُ فِي الصَّنْعَةِ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَرَجَّحَ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ وَجْهٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا ذَبَحَ شَاةً وَسَلَخَهَا ; لِأَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ. (وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهُ) «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ الْمَصْلِيَّةِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا: " أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى» ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ، وَحُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْإِرْضَاءِ، وَلِأَنَّ إِبَاحَةَ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْإِرْضَاءِ فَتَحَ بَابَ الْغَصْبِ.

وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. فَإِذَا أَدَّى بَدَلَهُ، أَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ - جَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا بِالْإِبْرَاءِ وَأَخْذِ الْبَدَلِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ الِانْتِفَاعُ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ، فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ، وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُ الْمَالِكِ عَنْهُ، لَكِنَّهُ يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَاقِي الْغُرَمَاءِ. وَوَجْهٌ آخَرَ فِي السَّاجَةِ وَاللَّبِنِ أَنَّ ضَرَرَ الْمَالِكِ صَارَ مُنْجَبِرًا بِالْقِيمَةِ، وَضَرَرَ الْغَاصِبِ بِالْهَدْمِ لَا يَنْجَبِرُ فَكَانَ مَا قُلْنَاهُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، فَكَانَ أَوْلَى.

وَلَوْ غَصَبَ خَيْطًا، فَخَاطَ بِهِ بَطْنَ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ، أَوْ لَوْحًا فَأَدْخَلَهُ فِي سَفِينَةٍ - انْقَطَعَ مِلْكُ الْمَالِكِ إِلَى الضَّمَانِ بِالْإِجْمَاعِ.

(وَلَوْ غَصَبَ تِبْرًا، فَضَرَبَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ آنِيَةً - لَمْ يَمْلِكْهُ) ، فَيَأْخُذُهَا الْمَالِكُ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ. وَقَالَا: يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا؛ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ بِصُنْعِهِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ بِالْكَسْرِ فَاتَ بَعْضُ الْمَقَاصِدِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَظَرًا إِلَى بَقَاءِ الِاسْمِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَالْوَزْنِ، وَجَرَيَانِ الرِّبَا فِيهِ، وَالصُّنْعِ فِيهَا غَيْرَ مُتَقَوِّمَةٍ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ.

قَالَ: (وَمَنْ خَرَقَ ثَوْبَ غَيْرِهِ، فَأَبْطَلَ عَامَّةَ مَنْفَعَتِهِ - ضَمِنَهُ) ; لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ مَعْنًى كَمَا إِذَا أَحْرَقَهُ. فَإِذَا ضَمَّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ تَرَكَ الثَّوْبَ لِلْغَاصِبِ؛ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ أَمْسَكَ الثَّوْبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>