للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ فَاسِدَةٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا.

وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّأْقِيتِ، وَمِنْ صَلَاحِيَةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ، وَمِنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الْبَذْرِ، وَمَعْرِفَةِ جِنْسِهِ، وَنَصِيبِ الْآخَرِ، وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ. وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً، أَوْ مَا عَلَى السَّوَاقِي. أَوْ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْبَذْرِ بَذْرَهُ أَوِ الْخَرَاجَ فَسَدَتْ. وَإِنْ شَرَطَ رَفْعَ الْعُشْرِ جَازَ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لَا يَجِدُ أَرْضًا، وَلَا مَا يَعْمَلُ بِهِ. فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى جَوَازِهَا دَفْعًا لِلْحَاجَةِ كَالْمُضَارَبَةِ.

(وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ فَاسِدَةٌ) ؛ لِمَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، نَهَانَا إِذَا كَانَ لِأَحَدِنَا أَرْضٌ أَنْ نُعْطِيَهَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ. وَقَالَ: " مَنْ كَانَتِ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ يَمْنَحْهَا أَخَاهُ» . وَهَذَا مُتَأَخِّرٌ عَمَّا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنَ الْإِبَاحَةِ، وَيَعْمَلُونَهُ - فَاقْتَضَى نَسْخَهُ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُخَابَرَةِ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْمُخَابَرَةُ؟ قَالَ: أَنْ تَأْخُذَ أَرْضًا بِثُلُثٍ، أَوْ نِصْفٍ، أَوْ رُبْعٍ» . وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا نُخَابِرُ، وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى ذَكَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ "، فَتَرَكْنَاهُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ» . وَلِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ مَعْدُومَةٍ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ. وَلِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ مَا يَحْصُلُ مِنْ عَمَلِهِ فَلَا يَجُوزُ كَقَفِيزِ الطِّحَانِ.

وَحَدِيثُ خَيْبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا فَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً تَرَكَ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِهَا بِوَظِيفَةٍ وَظَّفَهَا عَلَيْهِمْ، وَهِيَ نِصْفُ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَخِيلِهِمْ وَأَرَاضِيهِمْ. (وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا) ؛ لِحَاجَةِ النَّاسِ. وَقَدْ تَعَامَلَ بِهَا السَّلَفُ، فَصَارَتْ شَرِيعَةً مُتَوَارَثَةً، وَقَضِيَّةً مُتَعَارَفَةً. قَالَ الْحَصِيرِيُّ: وَأَبُو حَنِيفَةَ هُوَ الَّذِي فَرَّعَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى أُصُولِهِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ.

قَالَ: (وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّأْقِيتِ) ؛ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ إِجَارَةً ابْتِدَاءً، وَشَرِكَةً انْتِهَاءً. وَلِأَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ كَالْإِجَارَةِ. قَالَ: (وَمِنْ صَلَاحِيَةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ) ؛ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ؛ إِذْ هِيَ الْمَحَلُّ.

قَالَ: (وَمِنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الْبَذْرِ) قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ، (وَمَعْرِفَةِ جِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأُجْرَةُ، (وَنَصِيبِ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ عِوَضًا بِالشَّرْطِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا.

قَالَ: (وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ) ؛ لِمَا مَرَّ فِي الْمُضَارَبَةِ. (وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا) ؛ لِمَا مَرَّ فِي الْمُضَارَبَةِ. فَكُلُّ شَرْطٍ يُؤَدِّي إِلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ يُفْسِدُهَا، (حَتَّى لَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً، أَوْ مَا عَلَى السَّوَاقِي، أَوْ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْبَذْرِ بَذْرَهُ، أَوِ الْخَرَاجَ - فَسَدَتْ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْمُضَارَبَةِ.

قَالَ: (وَإِنْ شَرَطَ رَفْعَ الْعُشْرِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى بَعْدَهُ تِسْعَةُ أَعْشَارٍ، فَتَبْقَى الشَّرِكَةُ فِيهِ، بِخِلَافِ الْخَرَاجِ وَالْبَذْرِ ; لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَخْرُجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>