وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى جُمْلَتِهَا أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ كَالرَّقَبَةِ وَالْوَجْهِ وَالرُّوحِ وَالْجَسَدِ، أَوْ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا وَقَعَ، وَنِصْفُ الطَلْقَةِ تَطْلِيقَةٌ، وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ، وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ ثَلَاثٌ، وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ ثِنْتَانِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الْعَمَلِ يَدِينُ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَقَعَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ هَذَا الْعَمَلِ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ.
قَالَ: (وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى جُمْلَتِهَا أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ كَالرَّقَبَةِ وَالْوَجْهِ وَالرُّوحِ وَالْجَسَدِ، أَوْ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا وَقَعَ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى مَحَلِّهِ فَيَصِحُّ. وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَنِ. قَالَ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] وَالْمُرَادُ الْجُمْلَةُ. وَيُقَالُ يَا وَجْهَ الْعَرَبِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» ، وَيُقَالُ: أَنَا بِخَيْرٍ مَا سَلَمَ رَأْسُكَ وَمَا بَقِيَتْ رُوحُكَ. وَيُرَادُ الْجَمِيعُ. وَالْجَسَدُ عِبَارَةٌ عَنِ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ الْعُنُقُ. قَالَ تَعَالَى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ} [الشعراء: ٤] وَكَذَلِكَ الدَّمُ يُقَالُ: دَمُهُ هَدَرٌ، وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَفَّلَ بِدَمِهِ يَصِحُّ، وَأَشَارَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ قَالَ: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ دَمُكَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ. وَفِي الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ رِوَايَتَانِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لَا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهَا حَتَّى لَوْ قَالَ: الرَّأْسُ مِنْكِ طَالِقٌ أَوِ الْوَجْهُ، أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرَّأْسِ أَوِ الْعُنُقِ وَقَالَ: هَذَا الْعُضْوُ طَالِقٌ لَا يَقَعُ. وَأَمَّا الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَلِأَنَّهُ قَابِلٌ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ بَيْعًا وَإِجَارَةً وَغَيْرَهُمَا، وَلِهَذَا يَصِحُّ إِضَافَةُ النِّكَاحِ إِلَيْهِ فَكَذَا الطَّلَاقُ، لَكِنْ لَا يَتَجَزَّأُ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ فَيَثْبُتُ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ أَضَافَهُ إِلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْبَدَنِ لَا يَقَعُ كَالْأُصْبُعِ وَالشَّعَرِ، لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَصَارَ كَإِضَافَتِهِ إِلَى الرِّيقِ وَالظُّفْرِ، وَهَذَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ رَفَعَ الْقَيْدَ وَلَا قَيْدَ فِي هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِضَافَةُ النِّكَاحِ إِلَيْهَا، بِخِلَافِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ تَعَارَفَ قَوْمٌ أَنَّ الْيَدَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْبَدَنِ عُرْفًا ظَاهِرًا يَقَعُ الطَّلَاقُ.
قَالَ: (وَنِصْفُ الطَّلْقَةِ تَطْلِيقَةٌ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ) فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ أَوْ ثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ، لِأَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ. وَكَذَلِكَ كُلُّ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنَ التَّطْلِيقَةِ لِمَا قُلْنَا.
(وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ نِصْفَ التَطْلِيقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا.
(وَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ ثِنْتَانِ) لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَةٌ وَنِصْفٌ وَأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَيُكَمَّلُ النِّصْفُ فَيَصِيرُ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ يُكَمَّلُ كُلُّ نِصْفٍ فَيَكُونُ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ: نِصْفَيْ تَطْلِيقَةٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ كَنِصْفَيْ دِرْهَمٍ يَكُونُ دِرْهَمًا، وَلَوْ قَالَ: نِصْفَيْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَثِنْتَانِ كَنِصْفَيْ دِرْهَمَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَ تَطْلِيقَةٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ. وَلَوْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute