وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ، وَإِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ أَوْ حَلَقَ لِعُذْرٍ إِنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً، وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ طَعَامٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ جَامَعَ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَيَمْضِي فِي حَجِّهِ وَيَقْضِيهِ، وَلَا يُفَارِقُ امْرَأَتَهُ إِذَا قَضَى الْحَجَّ، وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ) لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ جَبْرُ نُقْصَانِ الْحَدَثِ بِالشَّاةِ وَجَبَ جَبْرُ نُقْصَانِ الْجَنَابَةِ بِالْبَدَنَةِ، لِأَنَّهَا أَعْظَمُ فَتَعْظُمُ الْعُقُوبَةُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَهُ لِيَأْتِيَ بِهِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، فَإِنْ أَعَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي وَقْتِهِ.
قَالَ: (وَإِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ أَوْ حَلَقَ لِعُذْرٍ إِنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً، وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ طَعَامٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] تَقْدِيرُهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ، وَقَدْ فَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ الصَّدَقَةُ وَالصَّوْمُ يُجْزِئُ فِي أَيِّ مَكَانٍ شَاءَ لِأَنَّهُمَا قُرْبَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ عَلَى جَمِيعِ الْفُقَرَاءِ.
وَأَمَّا الذَّبْحُ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ قُرْبَةً إِلَّا فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ أَوْ مَكَانٍ مَخْصُوصٍ وَكَذَا كُلُّ دَمٍ وَجَبَ فِي الْحَجِّ جِنَايَةً أَوْ نُسُكًا.
قَالَ: (وَمَنْ جَامَعَ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَيَمْضِي فِي حَجِّهِ وَيَقْضِيهِ) وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً. أَمَّا فَسَادُ الْحَجِّ فَلِوُجُودِ الْمُنَافِي، قَالَ تَعَالَى: {فَلا رَفَثَ} [البقرة: ١٩٧] وَهُوَ الْجِمَاعُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُحْرِمُ إِذَا جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ شَاةُ، وَمِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا تَوْقِيفًا، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ صَادَفَ إِحْرَامًا غَيْرَ مُتَأَكَّدٍ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ الْفَوَاتُ فَيَفْسُدُ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْوُقُوفِ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ الْفَوَاتُ. أَمَّا وُجُوبُ الشَّاةِ وَالْمُضِيِّ وَالْقَضَاءِ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. «وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا مُحْرِمَانِ؟ قَالَ: " يُرِيقَانِ دَمًا وَيَمْضِيَانِ فِي حَجَّتِهِمَا وَيَحُجَّانِ مِنْ قَابِلٍ» .
(وَلَا يُفَارِقُ امْرَأَتَهُ إِذَا قَضَى الْحَجَّ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَذْكُرِ الْمُفَارَقَةَ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا، وَلَوْ وَجَبَ لَذَكَرَهُ كَغَيْرِهِ تَنْبِيهًا عَلَى الْحُكْمِ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ، وَلَا مُوجِبَ لِلْمُفَارَقَةِ ; أَمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَلِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ جِمَاعُهَا فَلَا مَعْنَى لِلْمُفَارَقَةِ ; وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِأَنَّهُمَا إِذَا ذَكَرَا مَا وَجَدَا مِنَ التَّعَبِ وَزِيَادَةَ النَّفَقَةِ يَحْتَرِزَانِ عَنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَكَذَا فِي مَوْضِعِ الْجِمَاعِ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَوْدَ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْمُفَارَقَةُ.
قَالَ: (وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ وَقَفَ بِعَرْفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» .
قَالَ: (وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) مَنْقُولٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبِ الْقَضَاءُ عَلِمْنَا أَنَّهُ شُرِعَ لِجَبْرِ نَقْصِ تَمَكُّنٍ فِي الْحَجِّ، وَالنُّقْصَانُ فِي الْجِمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute