للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ عَنْ فُلَانٍ، وَيَجُوزُ حَجُّ الصَّرُورَةِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ، وَدَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالْجِنَايَاتِ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَدَمُ الْإِحْصَارِ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ ضَمِنَ النَّفَقَةَ وَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَمَا فَضَلَ مِنَ النَّفَقَةِ يَرُدُّهُ إِلَى الْوَصِيِّ أَوِ الْوَرَثَةِ أَوِ الْآمِرِ، وَمَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَهُوَ عَلَى الْوَسَطِ وَهُوَ رُكُوبُ الزَّامِلَةِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَجَبَ عَلَيْهِ فَيَنْوِي عَنْهُ لِيَقَعَ عَنِ الْآمِرِ.

(وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ عَنْ فُلَانٍ) وَلَوْ لَمْ يَنْوِ جَازَ لِأَنَّهُ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى السَّرَائِرِ.

قَالَ: (وَيَجُوزُ حَجُّ الصَّرُورَةِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ) لِوُجُودِ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالنِّيَّةِ عَنِ الْآمِرِ كَغَيْرِهِمْ، وَالصَّرُورَةُ: الَّذِي لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَوَّزَ حَجَّ الْخَثْعَمِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهَا هَلْ حَجَّتْ عَنْ نَفْسِهَا أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ لَسَأَلَهُ تَعْلِيمًا وَبَيَانًا ; وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْتَارَ رَجُلًا حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا قَدْ حَجَّ، عَالِمًا بِطَرِيقِ الْحَجِّ وَأَفْعَالِهِ، لِيَقَعَ حَجُّهُ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَيَخْرُجَ بِهِ عَنِ الْخِلَافِ.

قَالَ: (وَدَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالْجِنَايَاتِ عَلَى الْمَأْمُورِ) أَمَّا دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَلِأَنَّهُ وَجَبَ شُكْرًا حَيْثُ وُفِّقَ لِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ النِّعْمَةُ ; وَأَمَّا دَمُ الْجِنَايَاتِ فَلِأَنَّهُ هُوَ الْجَانِي.

(وَدَمُ الْإِحْصَارِ عَلَى الْآمِرِ) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَرَّطَهُ فِيهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَلَاصُهُ مِنْهُ، وَإِنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ فَفِي مَالِ الْمَيِّتِ. وَيُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ خَلَاصُهُ فَصَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ عَلَى الْحَاجِّ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِيَتَحَلَّلَ فَيَخْلُصَ عَنْ ضَرَرِ امْتِدَادِ الْإِحْرَامِ. وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيهِ.

قَالَ: (وَإِنْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ ضَمِنَ النَّفَقَةِ) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحَجِّ الصَّحِيحِ، وَهَذَا فَاسِدٌ فَقَدْ خَالَفَ الْأَمْرَ.

(وَعَلَيْهِ الدَّمُ) لِأَنَّ الْجِمَاعَ فِعْلُهُ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ هَرَبِ الْمُكَارِي أَوْ مَاتَتِ الدَّابَّةُ، فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سَمَاعَةَ أَنَّ لَهُ نَفَقَةَ ذَهَابِهِ دُونَ إِيَابِهِ.

وَفِي قَاضِيخَانَ: لَوْ قُطِعَ الطَّرِيقُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَقَدْ أَنْفَقَ بَعْضَ الْمَالِ فَمَضَى فِي الْحَجِّ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالَ نَفْسِهِ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَأَنْفَقَ مِنْهُ وَقَعَ عَنِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ رَجَعَ وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ لَمْ يَضْمَنْ إِذَا رَجَعَ النَّاسُ.

قَالَ: (وَمَا فَضَلَ مِنَ النَّفَقَةِ يَرُدُّهُ إِلَى الْوَصِيِّ أَوِ الْوَرَثَةِ أَوِ الْآمِرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ لِيَقْضِيَ الْحَجَّ فَمَا فَضَلَ يَرُدُّهُ إِلَى مَالِكِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ عَلَى ذَلِكَ لِيَمْلِكَ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِيكَ فِي الْإِجَارَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَهُوَ عَلَى الْوَسَطِ وَهُوَ رُكُوبُ الزَّامِلَةِ) لِأَنَّهُ أَعْدَلُ الْأُمُورِ ; وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُوصِ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ فَلَا تَتَأَدَّى إِلَّا بِنَفْسِهِ حَقِيقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>