للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْعُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ فَاسِدٌ، وَلَوْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَبَيْعُ جَارِيَةٍ إِلَّا حَمْلَهَا فَاسِدٌ وَلَوْ بَاعَهُ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَسْتَوْلِدَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ يَعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَخْدِمَهَا الْبَائِعُ أَوْ يُقْرِضَهُ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ فَهُوَ فَاسِدٌ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَإِنِ اجْتَمَعَ بِصُنْعِهِ إِنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ جَازِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَيَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إِلَّا بِالِاصْطِيَادِ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْآبِقُ فَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ حَتَّى لَوْ عَادَ الْآبِقُ جَازَ الْبَيْعُ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ عِنْدَهُ يَجُوزُ كَبَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنَ الْغَاصِبِ وَأَمَّا الْحَمْلُ وَالنِّتَاجُ فَلِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ وَأَمَّا اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ فَلِلْجَهَالَةِ وَاخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ؛ وَأَمَّا الصُّوفُ عَلَى الظَّهْرِ فَلِاخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ، وَلِوُقُوعِ التَّنَازُعِ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ بِخِلَافِ الْقَصِيلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَلْعُهُ، وَقَدْ «نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، وَعَنْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ، وَسَمْنٍ فِي لَبَنٍ» .

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى شَجَرِ الْخِلَافِ. قُلْنَا شَجَرُ الْخِلَافِ يَنْبُتُ مِنْ أَعْلَاهُ، فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَالصُّوفُ يَنْبُتُ مِنْ أَسْفَلِهِ فَيَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَيَخْتَلِطَانِ؛ وَأَمَّا اللَّحْمُ فِي الشَّاةِ وَالْجِذْعُ فِي السَّقْفِ فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إِلَّا بِضَرَرٍ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ ذِرَاعٌ مِنْ ثَوْبٍ، وَحِلْيَةٌ فِي سَيْفٍ، وَإِنْ قَلَعَهُ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ نَقْضِ الْبَيْعِ جَازَ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ كِرْبَاسٍ، وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ هَذِهِ النُّقْرَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ وَأَمَّا ثَوْبٌ مِنْ ثَوْبَيْنِ فَلِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ جَازَ لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ.

قَالَ: (وَبَيْعُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ فَاسِدٌ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْهُمَا.

وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُهُ كَيْلًا حَزْرًا.

وَالْمُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنَبُلِهَا بِمِثْلِهَا مِنَ الْحِنْطَةِ كَيْلًا حَزْرًا، وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْكَيْلِيِّ بِجِنْسِهِ مُجَازَفَةٌ فَلَا يَجُوزُ.

قَالَ: (وَلَوْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَهُوَ فَاسِدٌ) لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، لِأَنَّ التَّأْجِيلَ شُرِعَ فِي الْأَثْمَانِ تَرَفُّهًا عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَحْصِيلِهِ وَأَنَّهُ مَعْدُومٌ فِي الْأَعْيَانِ فَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا.

قَالَ: (وَبَيْعُ جَارِيَةٍ إِلَّا حَمْلَهَا فَاسِدٌ) لِأَنَّ الْحَمْلَ بِمَنْزِلَةِ طَرَفِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ خِلْقَةً، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَسَائِرِ الْأَطْرَافِ.

(وَلَوْ بَاعَهُ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَسْتَوْلِدَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ يَعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَخْدِمَهَا الْبَائِعُ أَوْ يُقْرِضَهُ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ يَخِيطُهُ الْبَائِعُ فَهُوَ فَاسِدٌ) «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>