للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا اعْتِبَارَ بِالصِّيَاغَةِ وَالْجَوْدَةِ، فَإِنْ بَاعَهَا مُجَازَفَةً ثُمَّ عُرِفَ التَّسَاوِي فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُجَازَفَةً مُقَابَضَةً، وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ، وَبَيْعُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ (ز) ، وَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ جَازَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ قَدْرِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فُرْقَةً، وَلَوْ نَامَا مُضْطَجِعَيْنِ كَانَ فُرْقَةً، وَلَا يَجُوزُ خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يَنْفِي اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ وَلَا الْأَجَلِ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْقَبْضَ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الصِّحَّةِ، فَإِنْ أَسْقَطَهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَقَدْ مَرَّ، وَلَوِ اشْتَرَى بِثَمَنِ الصَّرْفِ عَرَضًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْقَبْضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلَا اعْتِبَارَ بِالصِّيَاغَةِ وَالْجَوْدَةِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا فِيهِ سَوَاءٌ» .

(فَإِنْ بَاعَهَا مُجَازَفَةً ثُمَّ عَرَفَ التَّسَاوِيَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا) لِمَا عُرِفَ أَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَصَارَ كَالْعِلْمِ فِي ابْتِدَائِهِ؛ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا، لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَحْصِيلُهُ، أَمَّا وُجُودُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَنْبَنِي عَلَى أَفْعَالِ الْعِبَادِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الِابْتِلَاءِ، وَتُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْغَلَبَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَهِيَ كَالْجِيَادِ فِي الصَّرْفِ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ.

قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُجَازَفَةً مُقَابَضَةً) . لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:

«إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» وَلَوِ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ.

قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ، وَبَيْعُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ) وَكَذَا دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارَيْنِ بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ، وَكَذَا كُرَّيْ حِنْطَةٍ، وَكُرِّ شَعِيرٍ بِكُرِّ حِنْطَةٍ، وَكُرَّيْ شَعِيرٍ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِنْدَنَا يُصْرَفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجِنْسَيْنِ إِلَى خِلَافِهِ حَمْلًا لِتَصَرُّفِهِمَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ، فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْجِنْسَ إِلَى جِنْسِهِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ. وَلَنَا أَنَّهُمَا قَصَدَا الصِّلَةَ ظَاهِرًا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا لِقَصْدِهِمَا، وَدَفْعًا لِحَاجَتِهِمَا؛ وَلَوْ بَاعَ الْجِنْسَ بِمِثْلِهِ، وَأَحَدُهُمَا أَقَلُّ وَمَعَهُ عَرْضٌ إِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ قَدْرَ النُّقْصَانِ جَازَ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رِبًا.

قَالَ: (وَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ جَازَ) وَمُرَادُهُ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ جَازَ لِتَكُونَ الْحِلْيَةُ بِمِثْلِهَا وَالزِّيَادَةُ بِالنَّصْلِ وَالْحَمَائِلِ وَالْجِفَنِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رِبًا، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا جَازَ كَيْفَ كَانَ لِجَوَازِ التَّفَاضُلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

(وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ قَدْرِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) لِأَنَّهُ صَرْفٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>