للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ بِعَمَلِهِ، كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ، وَزَلَقِ الْحَمَّالِ، وَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ مِنْ شَدِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْآدَمِيَّ إِذَا غَرِقَ فِي السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهِ، أَوْ سَقَطَ مِنَ الدَّابَّةِ بِسَوْقِهِ وَقَوْدِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَصَّادِ وَالْبَزَّاغِ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ، وَخَاصٌّ كَالْمُسْتَأْجَرِ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ وَرَعْيِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهِ، وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَا بِعَمَلِهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْفَسَادَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَلَا يَضْمَنُهُ.

(إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ بِعَمَلِهِ كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ وَزَلَقِ الْحَمَّالِ وَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ مِنْ شَدِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى فِعْلِهِ وَهُوَ لَمْ يُؤْمَرْ إِلَّا بِعَمَلٍ فِيهِ صَلَاحٌ، فَإِذَا أَفْسَدَهُ فَقَدْ خَالَفَ فَيَضْمَنُ.

(إِلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْآدَمِيَّ إِذَا غَرِقَ فِي السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهِ، أَوْ سَقَطَ مِنَ الدَّابَّةِ بِسَوْقِ وَقَوْدِهِ) لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَوْ غَرِقَتْ مِنْ مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ صَدْمِ جَبَلٍ أَوْ زُوحِمَ الْحَمَّالُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ تَلَفَ بِفِعْلِ أَجِيرِ الْقَصَّارِ لَا مُتَعَمِّدًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْأَجِيرِ مُضَافٌ إِلَى أُسْتَاذِهِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ سَوَاءً هَلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، إِلَّا مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْمَوْتِ وَالْحَرِيقِ وَالْغَرَقِ الْغَالِبِ، وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ عَمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، فَإِذَا تَرَكَهُ ضَمِنَ كَمَا إِذَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؛ ثُمَّ إِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَغَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِأَمْرِ الْمَالِكِ وَصَارَ كَأَجِيرِ الْوَاحِدِ، وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ.

قَالَ: (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَصَّادِ وَالْبَزَّاغِ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ) لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ الْمُعْتَادَ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنِ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى قُوَّةِ الْمِزَاجِ وَضَعْفِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يُتَقَيَّدُ بِهِ، بِخِلَافِ دَقِّ الثَّوْبِ لِأَنَّ رِقَّتَهُ وَثَخَانَتَهُ تُعْرَفُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ فَتُقَيَّدُ بِالصَّلَاحِ؛ وَلَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ: إِنْ كَفَانِي هَذَا الثَّوْبُ قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ بِشَرْطِ الْكِفَايَةِ؛ وَلَوْ قَالَ لَهُ: هَلْ يَكْفِينِي؛ فَقَالَ نَعَمْ، قَالَ فَاقْطَعْ فَلَمْ يَكْفِهِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْقَطْعِ مُطْلَقًا.

قَالَ: (وَخَاصٌّ كَالْمُسْتَأْجَرِ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ وَرَعْيِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلْمُسْتَأْجِرِ طُولَ الْمُدَّةِ فَلَا يُمْكِنُهُ صَرْفُهَا إِلَى غَيْرِهِ فَلِهَذَا كَانَ خَاصًّا، وَيُسَمَّى أَجِيرَ الْوَاحِدِ أَيْضًا. (وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ) .

لِأَنَّهَا مُقَابَلَةٌ بِالْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَمَلَ لِصَرْفِ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، وَمَنَافِعُهُ صَارَتْ مُسْتَوْفَاةً بِالتَّسْلِيمِ تَقْدِيرًا حَيْثُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ.

قَالَ: (وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلَفَ فِي يَدِهِ) لِمَا مَرَّ (وَلَا بِعَمَلِهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْفَسَادَ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ سَلِيمَةٌ، وَالْمَعِيبُ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>