للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ بِقِيَ النَّمَاءُ وَهَلَكَ الْأَصْلُ افْتَكَّهُ بِحِصَّتِهِ، يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفَكَاكِ وَقِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَتَسْقُطُ حِصَّةُ الْأَصْلِ، وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ (ز) وَلَا تَجُوزُ فِي الدَّيْنِ (س) وَلَا يَصِيرُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِمَا، وَأُجْرَةُ مَكَانِ الْحِفْظِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهُ بِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَيَسْرِي إِلَى التَّبَعِ.

(إِلَّا أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ مَقْصُودًا فَلَا يَكُونُ لَهُ قِسْطٌ مِنَ الدَّيْنِ، وَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَقْبِضْهَا بِجِهَةِ الِاسْتِيفَاءِ، وَلَا الْتَزَمَ ضَمَانَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ كَوَلَدِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَبِيعٌ وَلَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَتِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ رَغَبَاتِ النَّاسِ، أَمَّا الْعَيْنُ فَلَمْ تَتَغَيَّرْ، وَالْقَبْضُ وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ، وَغَلَّةُ الْعَقَارِ وَكَسْبُ الرَّهْنِ لَيْسَ بِرَهْنٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَلِّدٍ مِنْهُ وَلَا بَدَلَ عَنْهُ كَكَسْبِ الْمَبِيعِ وَغَلَّتِهِ.

قَالَ: (وَإِنْ بَقِيَ النَّمَاءُ وَهَلَكَ الْأَصْلُ افْتَكَّهُ بِحِصَّتِهِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ، وَالزِّيَادَةُ مَقْصُودَةٌ بِالْفَكَاكِ، وَمَتَى صَارَ التَّبَعُ مَقْصُودًا قَابَلَهُ شَيْءٌ مِنَ الْبَدَلِ كَوَلَدِ الْمَبِيعِ.

قَالَ: (يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفَكَاكِ، وَقِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ) لِمَا بَيَّنَّا.

(وَتَسْقُطُ حِصَّةُ الْأَصْلِ) لِمَا مَرَّ.

قَالَ: (وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَلَا تَجُوزُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَصِيرُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِمَا) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا، لِأَنَّ الدَّيْنَ وَالرَّهْنَ كَالثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ، فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِمَا بِجَامِعِ دَفْعِ الْحَاجَةِ، بِدَلِيلِ إِقْدَامِهِمَا وَصِحَّةِ تَصَرُّفِهِمَا.

وَلَنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرَّهْنِ تُوجِبُ شُيُوعَ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَالزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ تُوجِبُ شُيُوعَ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَابِلَهُ شَيْءٌ مِنَ الرَّهْنِ وَشُيُوعُ الرَّهْنِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الدَّيْنِ فَلِمَا قَالَا، وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ رَهْنًا بِبَعْضِ الدَّيْنِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا إِذَا جَعَلَهُ رَهْنًا بِكُلِّهِ، فَإِنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ رَهْنًا بِكُلِّهِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَرُدَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ تَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ رَهَنَهُمَا مِنْ الِابْتِدَاءِ.

قَالَ: (وَأُجْرَةُ مَكَانِ الْحِفْظِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّ الْحِفْظَ عَلَيْهِ لِيَرُدَّهُ إِلَى الرَّاهِنِ لِيُسَلِّمَ لَهُ حَقَّهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ بَدَلُهُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ الْحَافِظِ، وَجُعْلُ الْآبِقِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَةِ يَدِهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَكَانَ مِنْ مَؤُونَةِ الرَّدِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ فَعَلَى الرَّاهِنِ قَدْرُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فَتَكُونُ يَدُهُ يَدَ الْمَالِكِ فَتَكُونُ الْمَؤُونَةُ عَلَى الْمَالِكِ، وَهَذَا فِي جُعْلِ الْآبِقِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ الضَّمَانِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ؛ أَمَّا أُجْرَةُ الْبَيْتِ فَالْجَمِيعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ الِاحْتِبَاسِ، وَالْحَبْسُ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْكُلِّ، وَالْخَرَاجُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مَؤُونَةُ مِلْكِهِ.

قَالَ: (وَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهُ بِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ.

قَالَ: (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>