للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِشِرَاءِ طَعَامِ الْأَكْلِ وَثِيَابِ الْكُسْوَةِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَيُوَكِّلَ وَيُبْضِعَ وَيُضَارِبَ وَيُعِيرَ وَيَرْهَنَ وَيَسْتَرْهِنَ وَيُؤَجِّرَ وَيَسْتَأْجِرَ وَيُسْلِمَ وَيَقْبَلَ السَّلَمَ وَيُزَارِعَ وَيَشْتَرِيَ طَعَامًا وَيَزْرَعَهُ وَيُشَارِكَ عِنَانًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَازَ، وَلَا يَتَزَوَّجُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَلَا يُقَيِّدُهُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: أَدِّ إِلَيَّ الْغَلَّةَ، أَوْ إِنْ أَدَّيْتَ إِلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِالْكَسْبِ وَلَا كَسْبَ إِلَّا بِالتِّجَارَةِ وَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُ بِالْغَبْنِ، وَقَالَا: لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ غَبْنًا فَاحِشًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ. وَلَهُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِأَهْلِيَّتِهِ كَالْحُرِّ وَهَذِهِ تِجَارَةٌ فَتَجُوزُ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَالْخَاصُّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَذِنْتُ لَكَ فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الصَّرْفِ أَوْ فِي الْخِيَاطَةِ أَوْ فِي الصِّيَاغَةِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَالْحِرَفِ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَهَاهُ عَنِ التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ دُونَ الْبَحْرِ.

وَقَالَ زُفَرُ: يَخْتَصُّ بِمَا قَيَّدَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ بِإِذْنِهِ كَالْوَكِيلِ. وَلَنَا مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ فَكَّ الْحَجْرَ وَرَفَعَ السَّبَبَ الَّذِي كَانَ لِأَجْلِهِ مَحْجُورًا فَبَعْدَهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ كَمَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وَفَكُّ الْحَجْرِ يُوجَدُ بِالْإِذْنِ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَلْحَقُ بِالْمَوْلَى لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ نَوْعٍ وَنَوْعٍ فَيَلْغُو التَّقْيِيدُ وَيَبْقَى قَوْلُهُ اتَّجِرْ، وَلَيْسَ كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِقَوْلِهِ أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. أَمَّا رَفْعُ الْحَجْرِ إِسْقَاطُهُ، وَالْجَهَالَةُ لَا تُبْطِلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِالْعُهْدَةِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَذِنْتُ لَكَ صَحَّ، وَفِي التَّوْكِيلِ لَا يَصِحُّ، وَالصَّبِيُّ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ فِي مَالِهِ فَلَا يَكُونُ نَائِبًا.

قَالَ: (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِشِرَاءِ طَعَامِ الْأَكْلِ وَثِيَابِ الْكُسْوَةِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا) لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَلَيْسَ بِتِجَارَةٍ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ الرِّبْحُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوِ اعْتَبَرْنَاهُ إِذْنًا أَدَّى إِلَى سَدِّ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ، وَفِيهِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى.

قَالَ: (وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ) لِأَنَّهُ أَصْلُ التِّجَارَةِ.

(وَيُوَكِّلَ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.

(وَيُبْضِعَ وَيُضَارِبَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ التِّجَارَةِ.

(وَيُعِيرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ التُّجَّارِ.

وَ (يَرْهَنَ وَيَسْتَرْهِنَ) لِأَنَّهُ وَفَاءٌ وَاسْتِيفَاءٌ، وَهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ.

(وَيُؤَجِّرَ وَيَسْتَأْجِرَ وَيُسَلِّمَ وَيَقْبَلَ السَّلَمَ) لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ.

(وَيُزَارِعَ وَيَشْتَرِيَ طَعَامًا وَيَزْرَعَهُ) لِأَنَّهُ تِجَارَةٌ يَقْصِدُ بِهَا الرِّبْحَ.

(وَيُشَارِكَ عِنَانًا) لِأَنَّهَا مِنْ أَفْعَالِ التُّجَّارِ، وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الرِّبْحُ وَالِاكْتِسَابُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ.

(وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَازَ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ مُعَامَلَتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْغَصْبَ مُبَادَلَةٌ.

(وَلَا يَتَزَوَّجُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ التِّجَارَةِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ أُخِذَ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>