للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَهْلُ سُوقِهِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ بِذَلِكَ، وَإِنْ وَلَدَتِ الْمَأْذُونَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَهُوَ حَجْرٌ (ز) ، وَالْإِبَاقُ حَجْرٌ؛ وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ جُنَّ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا صَارَ مَحْجُورًا، وَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ (سم) ، وَإِذَا اسْتَغْرَقَتِ الدُّيُونُ مَالَهُ وَرَقَبَتَهُ لَمْ يَمْلِكِ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ (سم) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَهْلُ سُوقِهِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ بِذَلِكَ) لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا يُبَايِعُونَهُ بِنَاءً عَلَى مَا عَرَفُوهُ مِنَ الْإِذْنِ، فَلَوِ انْحَجَرَ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُمْ بِكَسْبِهِ وَبِرَقَبَتِهِ يَتَأَخَّرُ إِلَى مَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَقَدْ لَا يُعْتَقُ فَيَتَضَرَّرُونَ إِمَّا بِالتَّأْخِيرِ أَوْ بِالْعَدَمِ، وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السُّوقِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ لَا يَنْحَجِرُ، وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْتِ عِنْدَ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ أَكْثَرِهِمُ انْحَجَرَ، وَالْمُعْتَبَرُ اشْتِهَارُ الْحَجْرِ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ الْإِذْنُ مَشْهُورًا ; أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ غَيْرُ الْعَبْدِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَجْرِ انْحَجَرَ، وَلَا يَزَالُ مَأْذُونًا حَتَّى يَعْلَمَ بِالْحَجْرِ كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ لَوِ انْحَجَرَ بِدُونِ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدُّيُونِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَأَنَّهُ ضَرَرٌ بِهِ.

قَالَ: (وَإِنْ وَلَدَتِ الْمَأْذُونَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَهُوَ حَجْرٌ) خِلَافًا لِزُفَرَ. لَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِذْنَ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءٌ. وَلَنَا أَنَّهُ يُحَصِّنُهَا عَادَةً فَيَمْنَعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَالتَّصَرُّفَاتِ فَكَانَ حَجْرًا دَلَالَةً، بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِذْنِ فَلَا تُعَارِضُهُ الدَّلَالَةُ.

قَالَ: (وَالْإِبَاقُ حَجْرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ مَا أُذِنَ لَهُ إِلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ مَقْصُودًا.

قَالَ: (وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ جُنَّ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا صَارَ مَحْجُورًا) لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ وَاللَّحَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى مِلْكِ وَرَثَتِهِ وَهُوَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَيَزُولُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَبِالْجُنُونِ زَالَتِ الْأَهْلِيَّةُ فَيَبْطُلُ الْإِذْنُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ يُعْتَبَرُ لِدَوَامِهِ الْأَهْلِيَّةُ كَمَا يُعْتَبَرُ لِابْتِدَائِهِ.

قَالَ: (وَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ) سَوَاءٌ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصْبٌ أَوْ أَمَانَةٌ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، وَقَالَا: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ كَانَ الْإِذْنَ وَقَدْ زَالَ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الرَّقَبَةِ وَصَارَ كَمَا إِذَا بَاعَهُ مِنْ آخَرَ، وَلَهُ أَنَّ الْمُصَحِّحَ الْيَدُ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِيمَا أَخَذَهُ الْمَوْلَى، وَبُطْلَانُهَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِدَلِيلِ إِقْرَارِهِ، بِخِلَافِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ، وَمِلْكُ الْمَوْلَى ثَابِتٌ فِيهَا فَلَا يَبْطُلُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَبِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَبَدَّلَ فَلَمْ يَبْقَ حُكْمُ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ.

قَالَ: (وَإِذَا اسْتَغْرَقَتِ الدُّيُونُ مَالَهُ وَرَقَبَتَهُ لَمْ يَمْلِكِ الْمَوْلَى شَيْئًا مِنْ مَالِهِ) وَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ لَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ لَا يَعْتِقُونَ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى السِّنِينَ، وَقَالَا: يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى وَيَعْتِقُونَ بِإِعْتَاقِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فِي الْحَالِ. لَهُمَا أَنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ حَتَّى جَازَ عِتْقُهُ فَيَمْلِكُ كَسْبَهُ، وَلِذَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ الْمَأْذُونَةِ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ يَمْنَعُ الْمَوْلَى عَنِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَنَقْضُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا فِي إِبْطَالِ مِلْكِهِ. وَلَهُ أَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِلْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الِاكْتِسَابُ، فَيَكُونُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>