وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلِلْمُكْرَهِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَفَعَلَ وَقَعَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ. وَفِي الطَّلَاقِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ، إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبِمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْمُتْعَةِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ أَوْ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ إِتْلَافِ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِالْحَبْسِ أَوِ الضَّرْبِ فَلَيْسَ بِمُكْرَهٍ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَالْمَقْبُوضُ فِيهِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ.
(وَلِلْمُكْرَهِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْرِهَ) لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ لَهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُكْرِهُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ كَالْبَائِعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نَفَّذَ كُلَّ بَيْعٍ حَصَلَ بَعْدَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ، وَالْمَضْمُونَاتُ تُمْلَكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ الْقَبْضِ عِنْدَنَا عَلَى مَا عُرِفَ.
قَالَ: (وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَفَعَلَ وَقَعَ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْهَزْلِ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا فِي عَدَمِ الرِّضَا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَسْلُبُ الْقَصْدَ، فَقَدْ قُصِدَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ عَلَى مَنْكُوحَتِهِ وَعَبْدِهِ فَيَقَعُ.
(وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ آلَةٌ لَهُ فَانْضَافَ إِلَيْهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ.
(وَفِي الطَّلَاقِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبِمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْمُتْعَةِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ) لِأَنَّهُ أَكَّدَ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِأَنْ تَجِيءَ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا، فَكَانَ إِتْلَافًا لِهَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْمَالِ فَيُضَافُ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ، لِأَنَّ الْمَهْرَ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ، وَهَكَذَا النَّذْرُ وَالْيَمِينُ وَالظِّهَارُ وَالرَّجْعَةُ وَالْإِيلَاءُ وَالْفَيْءُ بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَقْبَلُ الْفَسْخَ وَتَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ، وَالْخُلْعُ يَمِينٌ أَوْ طَلَاقٌ وَعَلَيْهَا الْبَدَلُ إِنْ كَانَتْ طَائِعَةً، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُطَالِبَ لَهُ فِي الدُّنْيَا فَلَا يَطْلُبُهُ فِيهَا، وَالنِّكَاحُ كَالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهِ عِوَضُ مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بَطَلَتِ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ لِلُزُومِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ فَاتَتْ. وَإِنْ أُكْرِهَتِ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ جَازَ وَلَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَالزَّوْجُ إِمَّا أَنْ يُتِمَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ يُفَارِقَهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبِلِهَا حَيْثُ لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا حَيْثُ لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً فَهُوَ رِضًى بِالْمُسَمَّى، وَيَبْقَى الِاعْتِرَاضُ لِلْأَوْلِيَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا عُرِفَ.
قَالَ: (فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ أَوْ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ إِتْلَافِ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِالْحَبْسِ أَوِ الضَّرْبِ فَلَيْسَ بِمُكْرَهٍ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ الْمَيْتَةِ وَمَالَ الْغَيْرِ مُبَاحٌ فِي حَالَةِ الْمَخْمَصَةِ، وَهُوَ خَوْفُ فَوْتِ النَّفْسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute