للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ، وَذُو الْيَدِ عَلَى مِلْكٍ أَسْبَقَ مِنْهُ تَأْرِيخًا فَذُو الْيَدِ أَوْلَى، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ عَلَى نَسْجِ ثَوْبٍ لَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنَ الْآخَرِ وَلَا تَارِيخَ لَهُمَا تَهَاتَرَتَا، إِنِ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ لَمْ يُقْضَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِلْخَارِجِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ لَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لَهُ بِالْيَدِ، وَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ إِثْبَاتًا كَانَتْ أَقْوَى.

قَالَ: (وَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ، وَذُو الْيَدِ عَلَى مِلْكٍ أَسْبَقَ مِنْهُ تَأْرِيخًا فَذُو الْيَدِ أَوْلَى) لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تُثْبِتُ الْمِلْكَ لَهُ وَقْتَ التَّأْرِيخِ، وَالْخَارِجُ لَا يَدَّعِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ؛ إِذِ الْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

(وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ عَلَى نَسْجِ ثَوْبٍ لَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى) لِأَنَّ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَتَعَارَضَتَا فَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْيَدِ، وَكَذَا كُلُّ سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ كَغَزْلِ الْقُطْنِ وَعَمَلِ الْجُبْنِ وَاللُّبَدِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النِّتَاجُ، وَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ كَالْبِنَاءِ وَزَرْعِ الْحُبُوبِ وَنَسْجِ الْخَزِّ وَنَحْوِهِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَمَا فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَإِنْ أَشْكَلَ قَضَى لِلْخَارِجِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَأَرَّخَا سِنَّ الدَّابَّةِ فَهُوَ أَوْلَى، وَإِنْ أُشْكِلَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِنْ خَالَفَ سِنَّ الدَّابَّةِ التَّارِيخَيْنِ تَهَاتَرَتَا وَتُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ.

قَالَ: (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنَ الْآخَرِ وَلَا تَارِيخَ لَهُمَا تَهَاتَرَتَا) . قَالَ مُحَمَّدٌ: يَقْضِي لِلْخَارِجِ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ بِأَنْ بَاعَهُ الْخَارِجُ وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَهُ ذُو الْيَدِ وَلَمْ يَقْبِضْ، وَلَا يَنْعَكِسْ لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ عَقَارًا عِنْدَهُ، وَالْعَمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مِنَ الدَّلَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنْ ذَكَرَتِ الْبَيِّنَتَانِ الْقَبْضَ عُمِلَ بِهِمَا وَيَكُونُ لِذِي الْيَدِ، وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنَ الْخَارِجِ وَقَبَضَهَا الْخَارِجُ، ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ وَقَبَضَهَا ذُو الْيَدِ عَمَلًا بِالْبَيِّنَتَيْنِ.

وَلَهُمَا أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْآخَرِ اعْتِرَافٌ بِكَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ، فَكَأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَامَتَا عَلَى الِاعْتِرَافَيْنِ وَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلتَّهَاتُرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بَائِعًا وَمُشْتَرِيًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى السَّبْقِ وَلَا تَرْجِيحَ فَيَتَعَذَّرُ الْقَضَاءُ أَصْلًا، ثُمَّ هَذَا شَيْءٌ بَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ، فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِذِي الْيَدِ فَيَكُونُ لِذِي الْيَدِ، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَإِنْ وَقَّتَا، فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَوَّلًا قَضَى بِهِمَا وَيَكُونُ لِذِي الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ أَوَّلًا قَضَى بِهِمَا أَيْضًا وَالْمِلْكُ لِلْخَارِجِ بِالْإِجْمَاعِ.

قَالَ: (وَإِنِ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ لَمْ يَقْضِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِتَعَذُّرِ الِاشْتِرَاكِ فِي النِّكَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>