فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ يُقَالُ لِلْبَائِعِ: إِمَّا أَنْ تُسَلِّمَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ؛ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تُسَلِّمَ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مِنَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ، فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ مُقَايَضَةً بَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ؛ وَمَنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
كَانَتْ أَكْثَرَ إِثْبَاتًا كَانَتْ أَقْوَى فَتَتَرَجَّحُ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ وَالْبَيْعِ جَمِيعًا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إِثْبَاتًا، وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إِثْبَاتًا.
(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ يُقَالُ لِلْبَائِعِ: إِمَّا أَنْ تُسَلِّمَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ؛ وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تُسَلِّمَ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مِنَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ) لِأَنَّهُمَا قَدْ لَا يَخْتَارَانِ الْفَسْخَ، فَإِذَا عَلِمَا بِذَلِكَ تَرَاضَيَا، فَتَرْتَفِعُ الْمُنَازَعَةُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ.
(فَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ) وَيُحَلِّفُ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاللَّهِ مَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ كَمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي، وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاللَّهِ مَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ كَمَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، فَإِذَا تَحَالَفَا قَالَ لَهُمَا الْقَاضِي: مَا تُرِيدَانِ؟ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبَا الْفَسْخَ تَرَكَهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ، وَإِنْ طَلَبَا الْفَسْخَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَخَ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنِ الثَّمَنُ وَلَا الْمَبِيعُ صَارَ مَجْهُولًا فَيُفْسَخُ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ، وَلَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ حَتَّى يَتَفَاسَخَا أَوْ يَفْسَخَ الْقَاضِي.
قَالَ: (وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ) فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ» ، وَأَقَلُّ فَائِدَتِهِ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ. وَقَوْلُهُ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُشْتَرِي، لِأَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَهُوَ يُنْكِرُ، وَهُوَ لَا يُطَالِبُ الْبَائِعَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْحَالِ.
قَالَ: (وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ مُقَايَضَةً) أَوْ صَرْفًا. (بَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِنْكَارِ؛ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا يُبْدَأُ بِيَمِينِ مَنْ بَدَأَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْإِنْكَارِ فَيَتَرَجَّحُ بِالْبِدَايَةِ وَإِنِ ادَّعَيَا مَعًا يَبْدَأُ الْقَاضِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا؛ وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْعَقْدِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا بَيْعٌ، وَقَالَ الْآخَرُ هِبَةٌ، أَوْ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ، وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ يَتَحَالَفَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الثَّمَنِ وَجِنْسَهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ دَيْنٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِجِنْسِهِ وَوَصْفِهِ، وَلَا وُجُودَ لَهُ بِدُونِهِمَا، وَلَا كَذَلِكَ الْأَجَلُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَصْفٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَبْقَى بَعْدَ مُضِيِّهِ، وَقَالَا: لَا يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّ نَصَّ التَّحَالُفِ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِهِ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ، وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ.
قَالَ: (وَمَنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ.
قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute