للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنِ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَالذِّمِّيُّ وَالْحَرْبِيُّ وَالْمُكَاتَبُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنِ ادَّعَى الْبَائِعُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ وُلِدَ حَيًّا صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوِ اشْتَرَاهَا حُبْلَى ثُمَّ بَاعَهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ وَطْئِهَا؛ وَإِنْ حَبِلَتْ أَمَةٌ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَبَاعَهَا وَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى الْأَوَّلِ فَوَلَدَتْ فِي يَدِهِ وَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَبَطَلَتِ الْبُيُوعُ كُلُّهَا وَتَرَاجَعُوا الْأَثْمَانَ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْحَمْلِ عِنْدَهُ لَمْ تَبْطُلِ الْعُقُودُ.

قَالَ: (وَمَنِ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ) لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِوَلَدَيْنِ وُلِدَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَاسْتَحَالَ انِعِلَاقُ الثَّانِي مِنْ مَاءٍ آخَرَ، فَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُ الْآخَرِ، وَيَبْطُلُ مَا جَرَى فِيهِ مِنَ الْعُقُودِ مِنْ بَيْعٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

١ -

فَصْلٌ

كُلُّ قَوْلَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ صَدَرَا مِنَ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْحَاكِمِ إِنْ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا قُبِلَتِ الدَّعْوَى صِيَانَةً لِكَلَامِهِ عَنِ اللَّغْوِ نَظَرًا إِلَى عَقْلِهِ وَدِينِهِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا لَمْ تُقْبَلْ، كَمَا إِذَا صَدَرَ مِنَ الشُّهُودِ، وَكُلُّ مَا أَثَّرَ فِي قَدْحِ الشَّهَادَةِ أَثَّرَ فِي مَنْعِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَى هَذَا الْحَقِّ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ نَسِيَهَا وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي عَلَى فُلَانٍ شَهَادَةٌ ثُمَّ شَهِدَ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ أَيْضًا. وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ: إِذَا قَالَ لَا شَهَادَةَ لِفُلَانٍ عِنْدِي فِي حَقٍّ بِعَيْنِهِ ثُمَّ جَاءَ وَشَهِدَ لَهُ قُبِلَتْ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ نَسِيتُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ لِي حَقًّا، أَوْ لَا أَعْلَمُ لِي حُجَّةً ثُمَّ ادَّعَى حَقًّا أَوْ جَاءَ بِحُجَّةٍ قُبِلَتْ، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي حَقٌّ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي حُجَّةٌ قُبِلَتْ لِاحْتِمَالِ الْخَفَاءِ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الْحَقِّ.

وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ قَضَى لَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ حَقًّا لِأَحَدٍ فَكَانَ سَاقِطًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا ادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ صَحَّ لِمَا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتِ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِهِ بِاللَّعَانِ؟ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي بِالرَّيِّ فِي دَارٍ وَلَا أَرْضٍ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ بِالرَّيِّ قُبِلَتْ، وَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ: لَا حَقَّ لِي بِالرَّيِّ فِي رُسْتَاقَ كَذَا فِي يَدِ فُلَانٍ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: ادْفَعْ إِلَيَّ هَذِهِ الدَّارَ أَسْكُنُهَا، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ أَلْبَسُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَأَبَى ثُمَّ ادَّعَى السَّائِلُ ذَلِكَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّمَا طَلَبَتُهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ لَا بِالْعَارِيَةِ.

وَفِي الْفَتَاوَى: بَاعَ عَقَارًا وَابْنُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ حَاضِرَانِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ اتَّفَقَ مَشَايِخُنَا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>