للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ هَاءَ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ إِقْرَارًا، وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ حَالٌّ اسْتُحْلِفَ (ف) عَلَى الْأَجَلِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِخَاتَمٍ لَزِمَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ، وَبِسَيْفٍ النَّصْلُ وَالْجَفْنُ وَالْحَمَائِلُ، وَمَنْ أَقَرَّ بِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ لَزِمَاهُ، وَمَنْ أَقَرَّ بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَإِنْ أَرَادَ الضَّرْبَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ (سم ف) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ السُّخْرِيَةِ لَا يَلْزَمُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ نَعَمْ أَوْ خُذْهَا أَوْ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ أَوْ غَدًا، أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَقْبِضُهَا، أَوْ أَجِّلْ بِهَا غَرِيمَكَ، أَوْ لَيْسَتْ مُيَسَّرَةً الْيَوْمَ، أَوْ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَانِيهَا فِيهَا، أَوْ غَمَمْتَنِي بِهَا، أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ غُلَامِي أَوْ أَبْرَأْتَنِي مِنْهَا.

(وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ هَاءَ الْكِنَايَةِ لَا يَكُونُ إِقْرَارًا) ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَوَابَ يَنْتَظِمُ إِعَادَةَ الْخِطَابِ لِيُفِيدَ الْكَلَامَ، فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَلَا يَصْلُحُ ابْتِدَاءً يُجْعَلُ جَوَابًا، وَمَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ جَوَابًا، وَلَا يُجْعَلُ جَوَابًا لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ، فَإِنْ ذَكَرَ هَاءَ الْكِنَايَةِ يَصْلُحُ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً، فَيَكُونُ مُنْتَظِمًا لِلسُّؤَالِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: اتَّزِنِ الْأَلِفَ الَّتِي ادَّعَيْتَهَا أَوْ قَضَيْتُكَ الْأَلْفَ الَّتِي لَكَ، وَطَلَبُ التَّأْجِيلِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِوَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ هَاءَ الْكِنَايَةِ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا، أَوْ يَصْلُحُ جَوَابًا وَابْتِدَاءً فَلَا يُجْعَلُ جَوَابًا فَلَا يَكُونُ إِقْرَارًا.

قَالَ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ حَالٌّ اسْتُحْلِفَ عَلَى الْأَجَلِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمَالِ ثَمَّ ادَّعَى حَقًّا وَهُوَ التَّأْجِيلُ، وَالْمُقَرُّ لَهُ يُنْكِرُ فَيَحْلِفُ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ.

قَالَ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِخَاتَمٍ لَزِمَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ) لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمَا عُرْفًا.

(وَ) إِنْ أَقَرَّ (بِسَيْفٍ) لَزِمَهُ (النَّصْلُ وَالْجَفْنُ وَالْحَمَائِلُ) لِمَا قُلْنَا.

قَالَ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ) أَوْ فِي ثَوْبٍ. (لَزِمَاهُ) مَعْنَاهُ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ، لِأَنَّ الثَّوْبَ يُلَفُّ فِي مِنْدِيلٍ وَفِي ثَوْبٍ آخَرَ، فَكَانَ ذَلِكَ ظَرْفًا لَهُ.

وَلَوْ قَالَ: ثَوْبِي فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ النَّفِيسَ مِنَ الثِّيَابِ يُلَفُّ فِي عَشَرَةٍ وَأَكْثَرَ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى الظَّرْفِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا يَجِبُ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَعْنًى بَيِّنٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] .

قَالَ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ الضَّرْبَ) لِأَنَّ الضَّرْبَ لَا يُكْثِرُ الْمَالَ الْمَضْرُوبَ وَإِنَّمَا يُكْثِرُ الْأَجْزَاءَ، وَتَكْثِيرُ أَجْزَاءِ الدِّرْهَمِ تُوجِبُ تَعَدُّدَهُ. وَعِنْدَ زُفَرَ يَجِبُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِعُرْفِ الْحِسَابِ.

(وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) ، وَقَالَا: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ. وَقَالَ زُفَرُ: ثَمَانِيَةٌ يُسْقِطُ الْغَايَتَانِ وَيَبْقَى مَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ، كَقَوْلِهِ لَهُ: مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إِلَى هَذَا الْحَائِطِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحَائِطَيْنِ. وَلَهُمَا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ أَنَّ مِثْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>