وَاسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ مِنَ الدَّارِ بَاطِلٌ؛ وَلَوْ قَالَ: بِنَاؤُهَا لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ فَكَمَا قَالَ؛ وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ (سم) وَإِنْ عَيَّنَ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ، وَعِنْدَهُمَا الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: إِلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ لَفْظًا إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ، وَإِذَا كَانَ كَلَامًا مُتَّصِلًا كَانَ اسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ مُتَّصِلًا فَيَصِحُّ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُرِّ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ لَغْوًا وَكَانَ قَاطِعًا لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا، وَهَكَذَا قَوْلُهُ وَثَلَاثَةٌ وَحُرٌّ لَغْوٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ؛ وَلَوْ قَالَ: إِلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ، أَوْ إِلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ صَحَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ لِعَدَمِ تَخَلُّلِ الْقَاطِعِ؛ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إِلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إِلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ مُفِيدٌ فَلَا يَكُونُ قَاطِعًا، فَيَصِحُّ الْعَطْفُ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إِلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ.
قَالَ: (وَاسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ مِنَ الدَّارِ بَاطِلٌ) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إِلَّا بِنَاءَهَا، أَوْ قَالَ: وَبِنَاؤُهَا لِي؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ وَالِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ فِي الْمَلْفُوظِ، وَعَلَى هَذَا النَّخْلُ وَالشَّجَرُ مَعَ الْبُسْتَانِ وَالظِّهَارَةُ وَالْبِطَانَةُ مِنَ الْجُبَّةِ، وَالْفَصُّ مِنَ الْخَاتَمِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ، وَلَا قِوَامَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِدُونِ مَا اسْتَثْنَاهُ فَيَكُونُ بَاطِلًا؛ وَلَوْ قَالَ: إِلَّا ثُلُثَهَا أَوْ إِلَّا بَيْتًا مِنْهَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ لَفْظًا.
(وَلَوْ قَالَ: بِنَاؤُهَا لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ، فَكَمَا قَالَ) لِأَنَّ الْعَرْصَةَ اسْمٌ لِلْبُقْعَةِ دُونَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِحَائِطٍ لَزِمَهُ بِأَرْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ اسْمٌ لِلْمَبْنَى وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِأُسْطُوَانَةٍ مِنْ آجُرٍّ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ لَا يَلْزَمُهُ الْأَرْضُ؛ لِأَنَّ الْخَشَبَةَ تُسَمَّى أُسْطُوَانَةً قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ رَفَعَهَا وَإِلَّا ضَمَنَ قِيمَتَهَا لِلْمُقِرِّ لَهُ كَمَا فِي غَصْبِ السَّاجَةِ؛ وَلَوْ أَقَرَّ بِثَمَرَةِ نَخْلٍ لَا تَدْخُلُ النَّخْلَةُ؛ وَلَوْ أَقَرَّ بِنَخْلَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ يَلْزَمُهُ مَوْضِعُهَا مِنَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَجَرَةً وَنَخْلًا إِلَّا وَهُوَ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ، وَلَا يَلْزَمُ الطَّرِيقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمِلْكِ.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ: مَا قَبَضْتُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيَّ لِلْإِلْزَامِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أَقْبِضْهُ يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَهُوَ غَيْرُ عَيْنٍ، فَأَيُّ عَبْدٍ أُحْضِرُهُ يَقُولُ: الْمَبِيعُ غَيْرُهُ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَقْبِضْهُ جُحُودًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ صَدَّقَهُ فِي أَنَّهُ ثَمَنٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِنْ وَصَلَ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا إِذَا تَصَادَقَا عَلَى الْجِهَةِ فَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ ثَمَنٌ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمُقِرُّ يُنْكِرُ الْقَبْضَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَمَتَى كَذَّبَهُ كَانَ تَغْيِيرًا لِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ وَصَلَ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ: (وَإِنْ عَيَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute