وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي بَطَلَ إِقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَبْطُلْ، وَيَصِحُّ إِقْرَارُ الرَّجُلِ بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى إِذَا صَدَّقُوهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِلَّا فِي الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ الزَّوْجِ أَوْ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَمَنْ مَاتَ أَبُوهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ شَارَكَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَفِيهِ إِبْطَالُ حَقِّ الْوَرَثَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ أَكْثَرَ فَلَا تُهْمَةَ فَيَجُوزُ الْإِقْرَارُ وَالْوَصِيَّةُ.
قَالَ: (وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي بَطَلَ إِقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَبْطُلْ) لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ تَسْتَنِدُ إِلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ، فَكَانَ ابْنًا لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَالزَّوْجِيَّةُ تَقْتَصِرُ عَلَى حَالَةِ الْعَقْدِ، فَصَحَّ الْإِقْرَارُ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً فَلَا يَبْطُلُ، حَتَّى لَوْ أَوْصَى لَهَا أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يَصِحُّ؛ لَأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تَصِحُّ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ وَارِثَةٌ وَالْهِبَةُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَكَانَتْ كَهِيَ.
قَالَ: (وَيَصِحُّ إِقْرَارُ الرَّجُلِ بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَوْلَى إِذَا صَدَّقُوهُ) إِذَا كَانَ الْوَلَدُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّظَرِ لَهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِلَّا فِي الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ الزَّوْجِ أَوْ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ) وَأَصْلُهُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ هَذَا الْإِقْرَارِ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِيَصِيرَ حُجَّةً فِي حَقِّهِ فَيَلْزَمُهُمَا الْأَحْكَامُ بِتَصَادُقِهِمَا، وَتَصَوُّرُ كَوْنِهِ مِنْهُ لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الْعَقْلُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الشَّرْعُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى تَصْدِيقِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ النَّسَبِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِتَصْدِيقِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَفِي شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ بِهَؤُلَاءِ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إِذَا ثَبَتَ لَا يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ وَلَهُ الرُّجُوعُ إِذَا أَقَرَّ بِمَنْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ كَقَرَابَةِ غَيْرِ الْوِلَادِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ مَعْنًى، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ النَّسَبُ بِغَيْرِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ بِالْإِقْرَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحَمُّلِ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ فَالْأَخُ نَسَبُهُ إِلَى الْأَبِ، وَالْعَمُّ إِلَى الْجَدِّ وَهَكَذَا، لَكِنْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَهُ وَرِثَهُ، لِأَنَّ إِقْرَارَهُ تَضَمَّنَ أَمْرَيْنِ: تَحَمُّلَ النَّسَبِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ فَبَطَلَ، وَالْإِقْرَارَ لَهُ بِالْمَالِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ فَيَصِحُّ.
(وَمَنْ مَاتَ أَبُوهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ شَارَكَهُ فِي الْمِيرَاثِ) لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِنِصْفِ الْمِيرَاثِ.
(وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ) لِمَا بَيَّنَّا، ثُمَّ التَّصْدِيقُ يَصِحُّ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي النَّسَبِ لِبَقَائِهِ، وَكَذَا تَصْدِيقُ الزَّوْجَةِ لِبَقَاءِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ غَسْلُهَا لَهُ وَالْعِدَّةُ، وَلَا يَصِحُّ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ غَسْلُهَا، فَصَارَ كَالتَّصْدِيقِ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَيْنِ؛ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ مِنَ الْأَحْكَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute