للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا الْمَحْدُودِ (س ز) فِي قَذْفٍ وَإِنْ تَابَ، وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا لِلْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا، وَلَا لِعَبْدِهِ، وَلَا لِمُكَاتَبِهِ، وَلَا لِلزَّوْجِ (ف) وَالزَّوْجَةِ (ف) ، وَلَا أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ فِيمَا هُوَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَلَا شَهَادَةِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ؛ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُخَنَّثٍ وَلَا نَائِحَةٍ، وَلَا مَنْ يُغَنِّي لِلنَّاسِ، وَلَا مُدْمِنِ الشُّرْبِ عَلَى اللَّهْوِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِهَا عِنْدَهُمَا، لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ شَرْطٌ وَقْتَ الْقَضَاءِ لِيَصِيرَ حُجَّةً، كَمَا إِذَا جُنَّ أَوْ فَسَقَ، بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مِنْهُ لِلْأَهْلِيَّةِ وَالْغَيْبَةِ لَا تَفُوتُ بِهَا الْأَهْلِيَّةُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالنُّطْقِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ.

قَالَ: (وَلَا الْمَحْدُودُ فِي قَذْفٍ وَإِنْ تَابَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] ، وَلِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ مَانِعٌ فَيَبْقَى بَعْدَ التَّوْبَةِ.

أَمَّا الْمَحْدُودُ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ فَالرَّدُّ لَيْسَ مِنَ الْحَدِّ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْفِسْقِ، وَقَدِ ارْتَفَعَ بِالتَّوْبَةِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْآيَةِ مُنْقَطِعٌ أَوْ هُوَ مَصْرُوفٌ إِلَى الْأَقْرَبِ وَهُوَ الْفِسْقُ.

(وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) لِأَنَّ بِالْإِسْلَامِ حَدَثَتْ لَهُ شَهَادَةٌ أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهُ، فَلَا يَكُونُ الْحَدُّ فِي إِسْقَاطِ الْأُولَى إِسْقَاطًا فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً.

قَالَ: (وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِلْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا لِلْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَلَا الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، وَلَا الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَلَا الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ، وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَلَا السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، وَلَا الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ، وَلَا الْأَجِيرِ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُ» رُوِيَ ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةٍ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ حَتَّى لَا يَجُوزَ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِمْ فَيَكُونُ شَهَادَةً لِنَفْسِهِ مِنْ وُجُوهٍ، وَمَحْرَمِيَّةُ الرَّضَاعِ لَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ لَا جُزْئِيَّةَ بَيْنَهُمَا فَانْتَفَتِ التُّهْمَةُ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَرَابَاتِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَمَا سِوَى قَرَابَةِ الْوِلَادِ لِعَدَمِ مَا ذَكَرْنَا.

قَالَ: (وَلَا لِعَبْدِهِ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ فَتَقَعُ الشَّهَادَةُ لِنَفْسِهِ.

(وَلَا لِمُكَاتَبِهِ) لِأَنَّ أَكْسَابَهُ لَهُ مِنْ وَجْهٍ وَالْعَبْدُ الْمَدْيُونُ كَالْمُكَاتَبِ.

قَالَ: (وَلَا لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمَا مُتَّصِلَةٌ عَادَةً فَتَقَعُ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ.

(وَلَا أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ فِيمَا هُوَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا) لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّهَا تَقَعُ لِنَفْسِهِ.

(وَلَا شَهَادَةَ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فِي مُدَّةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، فَصَارَ كَالْمُسْتَأْجِرِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ.

قَالَ: (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُخَنَّثٍ وَلَا نَائِحَةٍ، وَلَا مَنْ يُغَنِّي لِلنَّاسِ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِسْقٌ: " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ: النَّائِحَةُ، وَالْمُغَنِّيَةُ» ، وَالْمُرَادُ الْمُخَنَّثُ الَّذِي يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الرَّدِيئَةَ، وَأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُؤَنَّثَاتِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُذَكَّرَاتِ مِنَ النِّسَاءِ» ، أَمَّا اللَّيِّنُ فِي الْكَلَامِ خِلْقَةً فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

قَالَ: (وَلَا مُدْمِنِ الشُّرْبِ عَلَى اللَّهْوِ) لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مُتَأَوِّلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَسْكَرْ أَوْ يَكُنْ عَلَى اللَّهْوِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>