وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَوْ يَنْوِيَ الشِّرَاءَ لَهُ، وَالْوَكِيلُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ تُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهُ لَا مُفَارَقَةُ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا فَهُوَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا؛ وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَعَلَى الْحِنْطَةِ، وَقَلِيلَةً فَعَلَى الْخُبْزِ، وَمُتَوَسِّطَةً فَعَلَى الدَّقِيقِ؛ وَإِنْ دَفَعَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ، فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ فَهُوَ كَالْمَبِيعِ (س ز) وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عِشْرِينَ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ بِرَأْيِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا.
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ يَنْوِيَ الشِّرَاءَ لَهُ) ، وَهَذَا لَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إِلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ أَوْ نَقْدِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْآمِرِ فَيَقَعُ لِلْآمِرِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ لِنَفْسِهِ عَمَلًا بِالْمُعْتَادِ، فَإِنَّ الشِّرَاءَ وَإِضَافَةَ الْعَقْدِ إِلَى دَرَاهِمِهِ مُعْتَادٌ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ شَرْعًا، وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى مُطْلَقِ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ نَوَاهُ لِلْآمِرِ فَلَهُ، وَإِنْ نَوَاهُ لِنَفْسِهِ فَلِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِنَفْسِهِ وَلِلْآمِرِ، وَإِنْ تَكَاذَبَا فِي النِّيَّةِ يَحْكُمُ النَّقْضُ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ وَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى عَدَمِ النِّيَّةِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ لِلْعَاقِدِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْكُمُ النَّقْدُ لِاحْتِمَالِ الْوَجْهَيْنِ وَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يَقَعُ الْعَقْدُ وَالْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يُضِفِ الْعَقْدَ إِلَيْهِ إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ، وَهُوَ مَا إِذَا قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي نَفْسَكَ مِنْ مَوْلَاكَ، فَقَالَ لِمَوْلَاهُ: بِعْنِي نَفْسِي مِنْ فُلَانٍ، فَبَاعَهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا إِنْ عَلِمَ بِهِ الْعَبْدُ لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْوَكِيلِ كَعِلْمِ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالرَّدُّ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ فُلَانٍ عَتَقَ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إِعْتَاقٌ. أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرَّ حِنْطَةٍ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا. فَالْحَمْلُ عَلَى الْآمِرِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ أَوِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ.
قَالَ: (وَالْوَكِيلُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ تُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهُ لَا مُفَارَقَةُ الْمُوَكِّلِ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُقُوقَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَمُرَادُهُ الْوَكَالَةُ بِالْإِسْلَامِ لَا بِالْقَبُولِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلَ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ.
قَالَ: (وَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا فَهُوَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا) اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ.
(وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَعَلَى الْحِنْطَةِ، وَقَلِيلَةً فَعَلَى الْخُبْزِ، وَمُتَوَسِّطَةً فَعَلَى الدَّقِيقِ) اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَتَعَارَفُونَ أَكْلَ غَيْرِ الْحِنْطَةِ وَخُبْزِهَا فَعَلَى مَا يَتَعَارَفُونَهُ.
قَالَ: (وَإِنْ دَفَعَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ مِنَ الْمُوَكِّلِ حُكْمًا حَتَّى يَرُدَّهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ تَحَالَفَا.
(فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ فَهُوَ كَالْمَبِيعِ) لِمَا قُلْنَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ حَبَسَهُ لِلِاسْتِيفَاءِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مَحْبُوسًا وَهُوَ مَعْنَى الرَّهْنِ.
قَالَ: (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عِشْرِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute