عَلَيْهِمَا دَيْنٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنِ الْآخَرِ، فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ، فَإِنْ تَكَفَّلَا عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنِ الْآخَرِ، فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَى الْآخَرِ، " وَإِنْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ خَرَاجَهُ وَقِسْمَتَهُ وَنَوَائِبَهُ، جَازَ إِنْ كَانَتِ النَّوَائِبُ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ، وَأُجْرَةِ الْحَارِسِ، وَتَجْهِيزِ الْجَيْشِ وَفِدَاءِ الْأُسَارَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ، قَالُوا: تَصِحُّ فِي زَمَانِنَا.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ، لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ تَكَفَّلَ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِخِيَاطَةِ خَيَّاطٍ بِيَدِهِ؛ لَأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ فِعْلِ غَيْرِهِ، فَإِنْ تَكَفَّلَ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ أَوِ الْخَيَّاطِ أَوْ بِفِعْلِ الْخِيَاطَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ لَهُ، فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مُطْلَقُ الْخِيَاطَةِ، فَأَيُّ خِيَاطَةٍ وُجِدَتْ حَصَلَ الْمَكْفُولُ بِهِ؛ وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ عَنْ زَوْجِهَا بِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ جَازَ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنِ الضَّمَانِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَلَوْ ضَمِنَ أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِي الْإِجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّبَبَ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يَتَجَدَّدْ عَنْ رَأْسِ الشَّهْرِ بَلْ تَجِبُ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، وَسَبَبُ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِتَجَدُّدِ الْعَقْدِ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ.
قَالَ: (عَلَيْهِمَا دَيْنٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنِ الْآخَرِ، فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ) لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي النِّصْفِ كَفِيلٌ فِي النِّصْفِ، وَالْكَفَالَةُ تَبَعٌ فَتَقَعُ عَنِ الْأَصِيلِ إِذْ هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَهَمُّ، ثُمَّ مَا يُؤَدِّيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَنِ الْكَفَالَةِ لِتَعَيُّنِهَا فَيَرْجِعُ بِهِ لِمَا مَرَّ.
قَالَ: (فَإِنْ تَكَفَّلَا عَنْ رَجُلٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنِ الْآخَرِ، فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَى الْآخَرِ) لِأَنَّ مَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا لَزِمَهُ بِالْكَفَالَةِ لِأَنَّهُ كَفَلَ عَنْ شَرِيكِهِ بِالْجَمِيعِ وَعَنِ الْأَصِيلِ بِالْجَمِيعِ، فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا وَقَعَ شَائِعًا عَنْهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، إِذِ الْكُلُّ كَفَالَةٌ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُوْلَى ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُمَا أَدَّيَا عَنْهُ بِأَمْرِهِ، أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ بِنَائِبِهِ.
قَالَ: (وَإِنْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ خَرَاجَهُ وَقِسْمَتَهُ وَنَوَائِبَهُ جَازَ إِنْ كَانَتِ النَّوَائِبُ بِحَقٍّ، كَكَرْيِ النَّهْرِ، وَأُجْرَةِ الْحَارِسِ، وَتَجْهِيزِ الْجَيْشِ، وَفِدَاءِ الْأُسَارَى) أَمَّا الْخَرَاجُ فَلِأَنَّهُ دَيْنٌ مُطَالَبٌ بِهِ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ فَيَصِحُّ؛ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنَ النَّوَائِبِ فَقَدْ صَارَتْ كَالدَّيْنِ. وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَهِيَ حِصَّةٌ مِنَ النَّوَائِبِ الَّتِي صَارَتْ مَعْلُومَةً لَهُمْ مُوَظَّفَةً عَلَيْهِمْ كَالدُّيُونِ، وَبَاقِي النَّوَائِبِ مَا لَيْسَ بِمَعْلُومٍ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ قَالُوا: تَصِحُّ فِي زَمَانِنَا) لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالدُّيُونِ حَتَّى قَالُوا: لَوْ أُخِذَ مِنَ الْمُزَارِعِ جَبْرًا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ. وَالْكَفَالَةُ بِالدَّرْكِ جَائِزَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute