للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ: بِمَوْتِ الْمُضَارِبِ، وَبِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ، وَبِرِدَّةِ رَبِّ الْمَالِ، وَلَحَاقِهِ مُرْتَدًّا، وَلَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُضَارِبِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ، فَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ الْعِلْمِ نَفَذَ، فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَزْلِ وَالْمَالُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ جِنْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَصِيرَ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِذَا افْتَرَقَا وَفِي الْمَالِ دُيُونٌ وَلَيْسَ فِيهِ رِبْحٌ وَكَّلَ رَبَّ الْمَالِ عَلَى اقْتِضَائِهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ أُجْبِرَ عَلَى اقْتِضَائِهَا، وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَمِنَ الرِّبْحِ، فَإِنْ زَادَ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوِ اسْتَدَانَ لِنَفَقَتِهِ رَجَعَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ ضَارَبَ لِرَجُلَيْنِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ بِضَاعَةً فَالْجَمِيعُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّ السَّفَرَ وَاقِعٌ لَهَا، وَلَوْ كَانَتِ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً لَا نَفَقَةَ لِلْمُضَارِبِ ; لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَنَفَقَةُ الْأَجِيرِ عَلَى نَفْسِهِ.

قَالَ: (وَتَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ بِمَوْتِ الْمُضَارِبِ وَبِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ) ; لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ لِمَا مَرَّ. قَالَ: (وَبِرِدَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَلَحَاقِهِ مُرْتَدًّا) ; لِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمًا عَلَى مَا عُرِفَ (وَلَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُضَارِبِ) ; لِأَنَّ مِلْكَ رَبِّ الْمَالِ بَاقٍ، وَعِبَارَةَ الْمُرْتَدِّ مُعْتَبَرَةٌ.

قَالَ: (وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ) كَالْوَكِيلِ (فَلَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ الْعِلْمِ نَفَذَ) لِبَقَاءِ الْوَكَالَةِ (فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَزْلِ وَالْمَالُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ) ; لِأَنَّهُ صَارَ أَجْنَبِيًّا بِالْعَزْلِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ خِلَافَ جِنْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَصِيرَ مِنْ جِنْسِهِ) ; لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الرِّبْحِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَظْهَرُ إِذَا عَلِمَ رَأْسَ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُ إِذَا نَضَّ، وَإِنَّمَا يَنِضُّ بِالْبَيْعِ، فَإِذَا نَضَّ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَمَوْتُ أَحَدِهِمَا وَلَحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَالْعَزْلِ.

قَالَ: (وَإِذَا افْتَرَقَا وَفِي الْمَالِ دُيُونٌ وَلَيْسَ فِيهِ رِبْحٌ وَكَّلَ رَبَّ الْمَالِ عَلَى اقْتِضَائِهَا) ; لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِضَاءُ إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَاقِدًا وَالْحُقُوقُ تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَكَالَتِهِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ أُجْبِرَ عَلَى اقْتِضَائِهَا) ، لِأَنَّ الرِّبْحَ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ فَكَانَ أَجِيرًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ.

قَالَ: (وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَمِنَ الرِّبْحِ) ; لِأَنَّهُ تَبَعٌ كَالْعَفْوِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ (فَإِنْ زَادَ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ; لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَمِينٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَإِنِ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ وَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ رَجَعَ فِي الرِّبْحِ حَتَّى يُسْتَوْفَى رَأْسُ الْمَالِ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يُعْرَفُ الْفَضْلُ إِلَّا بَعْدَ سَلَامَةِ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَصِحُّ قِسْمَتُهُ فَيَنْصَرِفُ الْهَلَاكُ إِلَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا، وَيُبْتَدَأُ أَوَّلًا بِرَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ بِالنَّفَقَةِ ثُمَّ بِالرِّبْحِ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ، وَلَوْ فَسَخَا الْمُضَارَبَةَ ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ ثُمَّ عَقَدَا الْمُضَارَبَةَ فَهَلَكَ رَأْسُ الْمَالِ لَمْ يَتَرَادَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>