فَإِنْ قَالَ الْمُودَعُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَى فُلَانٍ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَنْكُلَ الْمَالِكُ عَنِ الْيَمِينِ، وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلَيْنِ شَيْئًا مِمَّا يُقْسَمُ اقْتَسَمَاهُ وَحَفِظَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقْسَمُ حَفِظَهُ أَحَدُهُمَا بِأَمْرِ الْآخَرِ، وَلَوْ قَالَ احْفَظْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ فَحَفِظَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ فِي الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ خَالَفَهُ فِي الدَّارِ ضَمِنَ، وَلَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إِلَى دَارِ مَالِكِهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إِلَيْهِ ضَمِنَ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
حَتَّى كَانَ لَهُ أَخْذُهُ كَالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، وَلَهُ أَنَّ نَصِيبَهُ فِي الْمَشَاعِ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الدَّفْعَ يَقَعُ فِي الْمُعَيَّنِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَشَاعِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ كَيْفَ يُؤْمَرُ بِهِ، وَوِلَايَةُ الْأَخْذِ لَا تَقْتَضِي جَوَازَ الدَّفْعِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُودِعِ الدَّفْعُ إِلَيْهِ. وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّيهِ الْمَدْيُونُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِمَا عُرِفَ، وَلَا اعْتِبَارَ بِضَرَرِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ بِصُنْعِهِ حَيْثُ أَوْدَعَهُ مَشَاعًا، وَغَيْرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ نَصِيبُهُ بِالْإِجْمَاعِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ الْخِلَافَ مُطْلَقًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَغَابَ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَخْذُ نَصِيبِهِ فَمِنَ الْمُودَعِ أَوْلَى.
قَالَ: (فَإِنْ قَالَ الْمُودَعُ أَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَى فُلَانٍ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ، إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَنْكُلَ الْمَالِكُ عَنِ الْيَمِينِ) ; لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى الدَّفْعِ وَتَجَاحَدَا فِي الْإِذْنِ فَيُضَمَّنُ بِالدَّفْعِ إِلَّا بِحُجَّةٍ.
قَالَ: (وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلَيْنِ شَيْئًا مِمَّا يُقْسَمُ اقْتَسَمَاهُ وَحَفِظَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقْسَمُ حَفِظَهُ أَحَدُهُمَا بِأَمْرِ الْآخَرِ) وَقَالَا: لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَحْفَظَهُ بِأَمْرِ الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا، فَكَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَى الْآخَرِ كَالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَهُ أَنَّ الدَّافِعَ أَوْدَعَ نِصْفَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُودِعِ فَيُضَمَّنُهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا فَكَانَ رَضِيَ بِأَمَانَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ ; لِأَنَّ إِضَافَةَ الْفِعْلِ إِلَيْهِمَا تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ كَالتَّمْلِيكَاتِ، إِلَّا أَنَّا جَوَّزْنَاهُ فِيمَا لَا يُقْسَمُ ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّجَزِّي وَعَدَمِ إِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهَا وَلَا الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهَا دَائِمًا كَانَ رَاضِيًا بِذَلِكَ دَلَالَةً، وَعَلَى هَذَا الْوَكِيلَانِ وَالْوَصِيَّانِ وَالْمُرْتَهِنَانِ وَالْعَدْلَانِ فِي الرَّهْنِ وَالْمُسْتَبْضِعَانِ.
قَالَ: (وَلَوْ قَالَ احْفَظْهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ فَحَفِظَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ فِي الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ) لِعَدَمِ تَفَاوُتِهِمَا فِي الْحِرْزِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ دَارًا كَبِيرَةً مُتَبَاعِدَةَ الْأَطْرَافِ وَالْبَيْتُ الَّذِي نَهَاهُ عَنْهُ عَوْرَةٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ.
قَالَ: (وَلَوْ خَالَفَهُ فِي الدَّارِ ضَمِنَ) ; لِأَنَّ الدُّورَ تَخْتَلِفُ فِي الْحِرْزِ فَكَانَ مُفِيدًا.
قَالَ: (وَلَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إِلَى دَارِ مَالِكِهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إِلَيْهِ ضَمِنَ) ; لِأَنَّ الْمَالِكَ مَا رَضِيَ بِدَفْعِهَا إِلَى دَارِهِ وَلَا إِلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ ظَاهِرًا إِذْ لَوْ رَضِيَ بِهِمْ لَمَا أَوْدَعَهَا، وَلَوْ وَضَعَ الثِّيَابَ فِي الْحَمَّامِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute